″الاستثناء″ التونسي في عنق الزجاجة.. سيناريوهات الأزمة؟ | سياسة واقتصاد | تحليلات معمقة بمنظور أوسع من DW | DW

في ساعة متأخرة من مساء الأحد (25 تموز/يوليو 2021) أقال الرئيس التونسي، قيس سعيد، رئيس الوزراء، هشام المشيشي، وجمد عمل البرلمان لمدة 30 يوماً وتولى رئاسة النيابة العامة (السلطة القضائية). وقال إنه سيحكم إلى جانب رئيس وزراء جديد سيعينه هو. جاءت هذه الخطوة بعد يوم من الاحتجاجات ضد الحكومة وحزب النهضة، وهو أكبر حزب في البرلمان، عقب زيادة في الإصابات بفيروس كورونا وتزايد الغضب من الشلل السياسي والمشكلات الاقتصادية. المادة 80 حمّالة أوجه؟ قال الرئيس إنه يستند إلى مضمون المادة 80 من الدستور التي تتيح له اتخاذ تدابير استثنائية في أوضاع محددة، مستفيداً من الاحتجاجات وأعمال الشغب التي اجتاحت عددا من المدن التونسية أمس الأحد. وتنص المادة 80 من الدستور على أن “لرئيس الجمهورية في حالة خطر داهم مهدد لكيان الوطن وأمن البلاد واستقلالها، يتعذر معه السير العادي لدواليب الدولة، أن يتخذ التدابير التي تحتمها تلك الحالة الاستثنائية”. ولكن البرلمان قال إن قرارات الرئيس غير دستورية لأن الفصل يشترط أيضاً استمرار أعمال المجلس ولا يخول إقالة الحكومة. الدكتورة التونسية في القانون، سناء بن عاشور، قالت في تصريح لـ DW عربية إن اليوم هو “نهار أسود وأكبر نكبة في حياتها”. وأضافت الناشطة المدنية وخاصة في دعم المرأة التونسية: “قيس سعيد انقلب على الدستور تحت غطاء الدستور. وما يقال عن استناده على المادة 80 ليس إلا مجرد تأويله الخاص لها”. وتحذر سناء بن عاشور من “ديكتاتورية” قادمة. من جهته، يجادل التونسي رابح الخرايفي، أستاذ القانون، أن خطوة الرئيس قانونية: “في غياب المحكمة الدستورية يمتلك الرئيس الحق الحصري في التأويل (الدستوري)”. ومنذ إقرار دستور 2014 لم يتم انتخاب أعضاء المحكمة الدستورية الى اليوم وذلك بسبب تجاذبات سياسية حادة بين الأحزاب. كلمة الفصل واتخذ الرئيس سعيد قرارته بعد اجتماع طارئ عقده في قصر قرطاج مع مسؤولين أمنيين وقيادات من الجيش. وفي أحدث تطور أعلن الرئيس التونسي بعد ظهر اليوم الاثنين إقالة وزير الدفاع إبراهيم البلتاجي، ووزيرة العدل، حسناء بن سليمان. وجاء في قرار صدر عن الرئاسة أيضاً تكليف الكتاب العامين برئاسة الحكومة بتولي الشؤون الإدارية والمالية بالوزارات بعد إقالة الحكومة. ويجري الحديث عن إقالات أخرى أوسع قد تشمل المحافظين لاحقاً. ولم يعلق الجيش بعد على تحركات سعيد، ولكنه انتشر عند مقر الحكومة في القصبة ومنع الموظفين من دخول المبنى اليوم الاثنين. كما حاصر جنود البرلمان ومنعوا راشد الغنوشي، زعيم حزب النهضة ورئيس البرلمان، من دخوله. وقالت قناة الجزيرة إن الشرطة اقتحمت مكتبها في تونس وطردت العاملين فيه. يرى البعض أن الجيش اليوم في موقف محرج؛ إذ يقف بين سلطتين منتخبتين: البرلمان ورئيس الجمهورية. غير أن العميد المتقاعد في الجيش التونسي، محمد صالح الحيدري، يرفض في تصريح لـ DW عربية هذا الرأي، ويقول إن “الجيش يقوم بنفس الدور الذي قام به عام 2011: الانتصار للثورة وحمايتها من الذين اغتصبوها: حركة النهضة”. وأنحى الحيدري باللائمة على النهضة في الفساد والأزمة الاقتصادية في البلاد. “ما قبل اليوم ليس كما بعده” عقب انتخابه رئيساً عام 2019 بدا قيس سعيد لفترة أنه مكبل بالدستور الذي لا يتيح للرئيس سلطة مباشرة سوى على الجيش وفي الشؤون الخارجية، في حين تظل الإدارة اليومية في يد حكومة مسؤولة أمام البرلمان. لم يخف سعيد رغبته في وضع دستور جديد يضع الرئيس في الصدارة مما دفع معارضيه لاتهامه بأنه يريد محاكاة الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في تجريد خصومه من النفوذ. المؤرخ والمحلل السياسي، د. خالد عبيد، يقول في تصريح لـ DW عربية إن “الرئيس بالتأكيد يرغب في تعديل الدستور وربما إجراء انتخابات مبكرة، لكن لا يمكن التكهن بكل شيء وستوضح الأيام القادمة المزيد، بيد أن الأكيد والثابت أنه لا رجوع إلى ما قبل تاريخ 25 يوليو/تموز”. وفيما يلي السيناريوهات الأكثر احتمالاً لمسار الأزمة: أولاً: الاحتكام للشارع قد يحتشد أنصار الرئيس، وهو مستقل سياسياً، وأنصار النهضة في الشوارع في أنحاء البلاد مما قد يؤدي لمواجهات عنيفة بين الجانبين قد تدفع قوات الأمن للتورط وبدء عهد من الاضطرابات أو تدفع الجيش للاستيلاء على السلطة. وبالفعل تجمع أنصار سعيد وأنصار النهضة خارج مبنى البرلمان منذ الساعات الأولى لصباح اليوم وتبادلوا السباب والإهانات وتراشقوا بالزجاجات الفارغة والحجارة والبيض. ثانياً: تعيين الرئيس لرئيس وزراء جديد قد يعين الرئيس سعيد بسرعة رئيساً جديداً للوزراء ليتعامل مع ارتفاع حاد في حالات الإصابة بكوفيد-19 والأزمة المالية الوشيكة ويعيد على إثر ذلك صلاحيات البرلمان بعد انتهاء التعليق لثلاثين يوماً ويسمح بممارسته أعماله الطبيعية. وقد يلي ذلك إجراء انتخابات برلمانية مبكرة. ثالثاً: سيطرة ديكتاتورية قد يحكم الرئيس قبضته على مفاصل السلطةفي البلاد وكذلك الأجهزة الأمنية ويؤجل أو يلغي العودة للنظام الدستوري ويشن حملة على حرية التعبير والتجمع وهي حقوق اكتسبها الشعب بعد ثورة 2011. رابعاً: تعديلات دستورية واستفتاء وانتخابات قد يستغل سعيد الأزمة للدفع بما يصفه بأنه التسوية الدستورية المفضلة لديه، وهي تحويل النظام في البلاد لنظام رئاسي بناء على انتخابات لكن مع تضاؤل دور البرلمان. قد يلي تلك التغييرات استفتاء على الدستور وانتخابات جديدة. خامساً: حوار واتفاق سياسي جديد قد يتم تكرار النمط الذي اتبعته التيارات السياسية بعد ثورة 2011 لحل أزمات سابقة إذ تقرر التراجع عن حافة الهاوية والاتفاق على السعي لحل وسط عبر الحوار يشمل لاعبين آخرين مثل اتحاد الشغل الذي يتمتع بنفوذ كبير وسط الناس. خالد سلامة بالتعاون مع طارق القيزاني تونس ـ محطات وعرة على طريق المخاض الديمقراطي المتعسر شرارة الربيع العربي الأولى كانون الأول/ ديسمبر 2010 – بائع الخضر محمد بوعزيزي يشعل النار في نفسه بعد أن صادرت الشرطة عربته. وفجرت وفاته وجنازته احتجاجات على البطالة والفساد والقمع. تونس ـ محطات وعرة على طريق المخاض الديمقراطي المتعسر هروب بن علي كانون الثاني/ يناير 2011 – هروب الرئيس ين العابدين بن علي إلى السعودية، وعقب الثورة التونسية أشتعلت انتفاضات في دول عربية عدة. تونس ـ محطات وعرة على طريق المخاض الديمقراطي المتعسر فوز حزب النهضة تشرين الأول/ أكتوبر 2011 – حزب النهضة الإسلامي المعتدل المحظور في عهد بن علي يفوز بمعظم المقاعد ويشكل ائتلافا مع أحزاب علمانية لوضع دستور جديد. تونس ـ محطات وعرة على طريق المخاض الديمقراطي المتعسر جدل بشأن علمانية الدولة أذار/ مارس 2012 – تزايد الاستقطاب بين الإسلاميين والعلمانيين، لا سيما فيما يتعلق بحقوق المرأة مع تعهد حزب النهضة بإبقاء الشريعة الإسلامية خارج الدستور الجديد. تونس ـ محطات وعرة على طريق المخاض الديمقراطي المتعسر اغتيال شكري بلعيد شباط / فبراير2013 – اغتيال زعيم المعارضة العلمانية شكري بلعيد مما أثار احتجاجات في الشوارع واستقالة رئيس الوزراء. ومتشددون يشنون هجمات على الشرطة. تونس ـ محطات وعرة على طريق المخاض الديمقراطي المتعسر تخلي حزب النهضة عن الحكم كانون الأول/ ديسمبر 2013 النهضة يتخلى عن السلطة بعد احتجاجات حاشدة وإجراء حوار وطني كي تحل محلها حكومة من التكنوقراط. تونس ـ محطات وعرة على طريق المخاض الديمقراطي المتعسر دستور جديد لتونس كانون الثاني/ يناير 2014 البرلمان يوافق على دستور جديد يكفل الحريات والحقوق الشخصية للأقليات ويقسم السلطة بين الرئيس ورئيس الوزراء. تونس ـ محطات وعرة على طريق المخاض الديمقراطي المتعسر فوز السبسي كانون الأول/ ديسمبر 2014 الباجي قائد السبسي يفوز بأول انتخابات رئاسية حرة في تونس. وحزب النهضة ينضم إلى الائتلاف الحاكم. تونس ـ محطات وعرة على طريق المخاض الديمقراطي المتعسر الإرهاب يضرب تونس آذار/ مارس 2015 هجمات لتنظيم “داعش” على متحف باردو في تونس تسفر عن سقوط 22 قتيلا. ومسلح يقتل 38 شخصا في منتجع ساحلي في سوسة في يونيو حزيران. ودمرت الهجمات قطاع السياحة الحيوي وأعقبها تفجير انتحاري في نوفمبر أسفر عن مقتل 12 جنديا. تونس ـ محطات وعرة على طريق المخاض الديمقراطي المتعسر مواجهة الإرهاب آذار/ مارس 2016 الجيش يحول الموقف لصالحه في المواجهة مع تهديد المتشددين بهزيمة العشرات من مقاتلي تنظيم “داعش” الذين اقتحموا بلدة جنوبية عبر الحدود الليبية. تونس ـ محطات وعرة على طريق المخاض الديمقراطي المتعسر العجز التجاري يرتفع كانون الأول/ ديسمبر 2017 الاقتصاد يقترب من نقطة الأزمة مع ارتفاع العجز التجاري وهبوط قيمة العملة وخروج احتجاجات إلى الشوارع. تونس ـ محطات وعرة على طريق المخاض الديمقراطي المتعسر قيس سعيد رئيسا لتونس تشرين الأول/ أكتوبر 2019 – الناخبون يبدون استياءهم من الأحزاب الكبرى وينتخبون في البداية برلمانا منقسما بقوة ثم ينتخبون بعد ذلك السياسي المستقل قيس سعيد رئيسا للبلاد. تونس ـ محطات وعرة على طريق المخاض الديمقراطي المتعسر فضيحة فساد كانون الثاني/ يناير 2020 – بعد أشهر من المحاولات الفاشلة لتشكيل الحكومة أصبح إلياس الفخفاخ رئيسا للوزراء لكنه أُجبر على الاستقالة في غضون أشهر بسبب فضيحة فساد. تونس ـ محطات وعرة على طريق المخاض الديمقراطي المتعسر سعيد المشيشي رئيسا للوزراء آب/ أغسطس 2020 – سعيد يعين هشام المشيشي رئيسا للوزراء. وسرعان ما يختلف مع الرئيس وتواجه حكومته الهشة أزمة تلو الأخرى مع مواجهتها صعوبة في التصدي لجائحة كورونا والحاجة للقيام بإصلاحات عاجلة. تونس ـ محطات وعرة على طريق المخاض الديمقراطي المتعسر الاحتجاجات متواصلة كانون الثاني/ يناير 2021 – بعد عشر سنوات على الثورة احتجاجات جديدة تجتاح المدن التونسية ردا على اتهامات للشرطة بممارسة العنف، وبعد أن دمرت الجائحة اقتصادا ضعيفا بالفعل. تونس ـ محطات وعرة على طريق المخاض الديمقراطي المتعسر أقالة الحكومة تموز/ يوليو 2021 – سعيد يقيل الحكومة ويجمد البرلمان ويقول إنه سيحكم إلى جانب رئيس وزراء جديد مشيرا إلى المادة 80 من الدستور وهو ما رفضه حزب النهضة وأحزاب أخرى في البرلمان بوصفه انقلابا. (اعداد: علاء جمعة)

تابعوا Tunisactus على Google News

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد