أسطول النقل المتقادم يعمق مشاكل التونسيين | خالد هدوي

تونس – يعاني قطاع النقل واللوجستيك في تونس من أزمة هيكلية حادة احتدمت خلال السنوات الأخيرة، بسبب تقادم الأسطول وضعف التجهيزات والوسائل، ما عمّق المشاكل اليومية للمواطنين، فضلا عن تراكم ديون القطاع، وهو ما يستدعي تظافر جهود مختلف المتدخلين لمجابهتها.

وتحوّل وزير النّقل ربيع المجيدي صباح الخميس إلى القاعة المركزية لتنظيم الجولان بشبكة الحافلات والموجّه المركزي للشبكة الحديدية التابعة لشركة نقل تونس لمعاينة سير العمل بالقاعتين والاطلاع عن بعد عبر المنظومة الرّقمية على سير النّشاط بعدد من الفضاءات والمستودعات وجولان عدد من وسائل النّقل التابعة للشركة، في إطار المتابعة الميدانية لبرنامج النقل بمناسبة العودة المدرسية والجامعية الجديدة.

وأوصى وزير النّقل، في زيارته هذه التي رافقه فيها المتصرّف المفوّض بشركة نقل تونس وعدد من مسؤولي الوزارة والشركة بالمزيد من العمل على تطوير المنظومات الرقمية المعتمدة حاليا لإكساب المتابعة عن بعد النجاعة المرجوّة.

الصادق جبنون: على الدولة أن تستثمر في النقل العمومي خصوصا مع دول الاتحاد الأوروبي

وواصل ربيع المجيدي جولته أثناء فترة الذّروة الصّباحية على متن المترو رقم 2 الرابط بين محطة الجمهورية ومحطة أريانة، حيث عاين ظروف التنقّل للمواطنين خاصّة منهم التلاميذ والطّلبة حيث استمع إلى مشاغل عدد المسافرين، وحثّ على ضرورة مضاعفة الجهد وإيجاد التمويلات اللازمة لتعزيز الأسطول سواء من خلال الاقتناءات الجديدة أو من خلال عمليات الصّيانة وتحسين ظروف التنقل وتقديم خدمات أفضل.

ويعتبر قطاع النقل من القطاعات الحيوية إلى جانب الصحة والتعليم في تونس، وتعود ملكية حوالي 70 في المئة منه إلى القطاع العام، ويتكون أساسا من ثلاثة ميادين رئيسية وهي النقل البري والنقل البحري والنقل الجوي.

وأفاد الخبير الاقتصادي، الصادق جبنون، بأن “مسألة النقل في تونس عرفت جملة من الإنجازات بعد الاستقلال في 1956، لكن بعد التسعينات لم تتم المراهنة على تطوير النقل العمومي، حيث يبلغ عدد السيارات الخاصة مليونا وستمئة ألف سيارة على حساب النقل العمومي”.

وقال لـ”العرب”، “نقاط الضعف المسجلة تتعلق خصوصا بالحافلات والنقل العمومي، ولم يتم الاستثمار في القطاع ، كما تم منذ منتصف التسعينات إلى حدود سنة 2018 منح الأولوية للسيارات الخاصة”.

وتابع جبنون “على الدولة أن تفتح مجال الاستثمار في النقل العمومي خصوصا مع دول الاتحاد الأوروبي، فضلا عن استغلال ما يتوفّر من إمكانيات ووسائل، كما يمكن الاستعانة بالقطاع الخاص وتنظيم رزنامة النقل”.

واستعدادا للعودة المدرسية والجامعية الحالية، تم العمل على دعم أسطول حافلات الشركة الجهوية للنقل بسليانة (شمال) عبر تعزيزه بست حافلات مكيفة لربط الجهة بمختلف الولايات، حيث سيقع توفير 55 حافلة للنقل المدرسي لتأمين 55 خطا مستغلا بمعدل 165 سفرة يومية بنسبة جاهزية تناهز 90 في المئة.

عماد الدرويش: الأسطول متقادم وأصبح مستهلكا للطاقة بشكل كبير

وأفادت الشركة بأنه بداية من الثلاثي الثاني سيقع تعزيز أسطول النقل المدرسي بـ3 حافلات نقل حضري بعنوان القسط الثاني من الصفقة.

وبهدف تمكين التلاميذ أبناء العائلات المعوزة ومحدودة الدخل من التنقل على متن خطوطها، أبرمت الشركة اتفاقية مع الإدارة الجهوية للشؤون الاجتماعية بسليانة لتوفير الاشتراكات اللازمة والتي ستتكفل الإدارة الجهوية للشؤون الاجتماعية بسليانة بخلاصها.

وقال خبير الطاقة، عماد الدرويش، في تصريح لـ”العرب”، إن ” أول مشكلة في تونس، هي عدم تطور النقل العمومي خصوصا في المدن الكبرى”.

وأكد أن “الأسطول متقادم، بسبب ارتفاع أسعار السيارات في العالم، وأصبح مستهلكا للطاقة بشكل كبير، فضلا عن تواكل النقل العمومي والخاص (سيارات الأجرة)، حيث أصبح المواطن التونسي غير قادر على الوصول إلى مقر عمله في الوقت المحدد”.

وفي وقت سابق، أكد الكاتب العام لجامعة النقل وجيه الزيدي، أن “الشركة غير مستعدة لتأمين العودة المدرسية والجامعية في سبتمبر الجاري”، مؤكدا أن “الأسطول المتهالك الحالي للشركة لا يمكنه أن يؤمن السفرات اليومية بسبب نقص في الحافلات وعربات المترو مقابل كثافة المسافرين وعودة الدراسة وتزامنها مع عودة نظام الحصتين”.

وتوقع الزيدي، أن “تكون العودة كارثية هذه السنة”، لافتا إلى “أن شركة نقل تونس حاليا تملك 350 حافلة و27 عربة مترو وبالإضافة إلى العدد القليل سيتم التخلي عن بعض الخطوط لتأمين حافلات النقل الجامعي والمدرسي”.

كما شدد على أنه “مقابل الوضع الكارثي للأسطول لا توجد أي شراءات جديدة” داعيا إلى “اللجوء إلى اقتناء الحافلات المستعملة”.

ويعد الاكتظاظ وتقادم الأسطول من أهم مشاكل قطاع النقل العمومي في البلاد، وباتت هذه المشاكل ترهق المواطن والعاملين في القطاع على حد السواء، رغم مجهودات الدولة لتفادي الإشكال وتطوير القطاع.

ويبدو أن ميزانية الدولة لوزارة النقل لا تغطي تمويل المشاريع في العديد من المجالات، خاصة برامج تجديد أسطول الحافلات ومعدات النقل الحديدي للمسافرين ونقل الفوسفات ومشاريع تهيئة مراكز الفحص الفني ومحطات النقل البري والبنية التحتية للمطارات والموانئ وتجديد أسطول النقل الجوي والبحري.

ويوجه مختصون في الشأن الاقتصادي أصابع الاتهام إلى حكومة الترويكا (بين 2011 و2014) في مسؤوليتها عن الانتدابات العشوائية وإغراق المؤسسات الحكومية بعدد كبير من الموظفين لا ينسجم مع طاقة استيعابها المالية.

ويغذي عدد الموظفين حدّة ارتباك التوازنات المالية بفعل ارتفاع عدد الموظفين والعمال مقارنة بحاجة أغلب المؤسسات دون مردود وإنتاجية.

وتشهد المدن التونسية تطورا عمرانيا كبيرا مصحوبا بتزايد في استعمال وسائل النقل الفردية على حساب وسائل النقل الجماعية وارتفاع تكاليف النقل عموما، وهو ما ينعكس سلبا على حركة المرور وعلى المقدرة الشرائية للمستعمل.

وبالموازاة مع ذلك تشهد خدمات النقل العمومي للأشخاص، خاصة منها المسداة من قبل شركات النقل العمومي للمسافرين، تدهورا واضحا ويرجع ذلك بالأساس إلى عدم القيام بالاقتناءات الضرورية وتردي حالة الأسطول لنقص الصيانة اللازمة.

#أسطول #النقل #المتقادم #يعمق #مشاكل #التونسيين #خالد #هدوي

تابعوا Tunisactus على Google News
[ad_1]

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد