- الإعلانات -

- الإعلانات -

أي إنجازات بعد عشر سنوات؟

بعد مرور عشر سنوات على ثورة الياسمين في تونس، التي اطاحت بالرئيس السابق زين العابدين بن علي البلاد بعد انتفاضة شعبية عارمة على نظامه، ومثلت الشرارة الاولى للعديد من ثورات الربيع العربي، ما يزال هذا البلد بحسب بعض المراقبين، يعاني الكثير من الازمات والمشكلات وخصوصا فيما يتعلق في المجالين الاقتصادي والتنموي، حيث يعاني الكثير من ابناء الشعب الويلات جراء وضع اقتصادي صعب للغاية مع تفشي البطالة وتفاقم الفساد وزيادة الفقر وتردي الخدمات العامة. وتعاقبت تسع حكومات على تونس منذ الثورة وأمضت أطولها عمرا ثلاث سنوات في السلطة، وذلك نتيجة التجاذبات السياسية التي رافقت مسار الانتقال الديمقراطي، وخصوصا الصراع السياسي بين الكتل النيابية التي أفرزتها انتخابات 2019.
وفي أسوأ اضطرابات منذ سنوات، خرج كثير من الشبان الغاضبين في عديد من الاحياء المهشمة وفي عدة مدن تونسية في مواجهات عنيفة مع الشرطة تخللها اعتداءات على الاملاك ونهب لمتاجر وبنوك. مطالبين بالوظائف والكرامة وإنهاء عنف الشرطة مسلطين مزيدا من الضغوط على الحكومة التي تعاني أزمة مالية غير مسبوقة. ومنذ ثورة 2011 التي أطاحت بالحكم الاستبدادي، عانت الحكومات المتعاقبة من عجز مالي كبير وسط تزايد طلبات التوظيف. ويشتكي التونسيون من سوء الخدمات العامة في الصحة والتعليم والنقل وشبكات الكهرباء والماء إضافة إلى أن البنية التحتية المتهالكة لا تحظى بالاهتمام الكافي.
ويعتبر المراقبون، أن الانتكاسة في المجالين الاقتصادي والتنموي، هي نتيجة طبيعية، للأزمات التي واجهتها الثورة التونسية والتي جاءت بعد إشعال الشاب التونسي محمد البوعزيزي، النار في نفسه، احتجاجا على بطالته، وهناك العديد من العوامل، التي ساهمت في عدم تحقيق ما يسعى له الجميع، على مدى السنوات التي أعقبت الثورة، ومنها عدم الاستقرار الحكومي الذي شهدته البلاد، وتأثيره على مناخ الاستثمار، وقد أدى التناحر بين الأحزاب السياسية في الداخل، من وجهة نظر البعض، إلى إيجاد حالة من عدم الاستقرار، ومن ثم تأخير ظهور أي فوائد تنموية للثورة، في حين لايبدي الجمهور التونسي صبرا في سعيه لجني تلك الفوائد.
وضمن ملف كانت قد أعدته صحيفة “الجارديان” البريطانية، في ذكرى الثورات العربية، أظهر استطلاع رأي للصحيفة أجري في عدة دول عربية، أن تونس تعيش خيبة أمل عميقة، حيث قال 27% من التونسيين الذين شملهم الاستطلاع إنهم في وضع أفضل مما قبل الثورة، لكن نتيجة لركود النمو الاقتصادي وارتفاع معدلات البطالة، التي تفاقمت بسبب جائحة كوفيد -19، فقد اعتبر نصف التونسيين أنهم الآن في وضع أسوأ. وتشير إحصاءات إلى أن معدلات البطالة في تونس شهدت ارتفاعا من 13 بالمئة في عام 2010، إلى 16.2 بالمئة في 2020، وإلى35.7 بالمئة بين فئة الشباب في وقت تسجل فيه البلاد، ركودا اقتصادياً بنسبة 9 بالمئة، وعجزاً في الموازنة بنسبة 13.4 بالمئة، وديناً عاماً يقترب من 90 بالمئة من الناتج المحلي.
احتجاجات جديدة
وفي هذا الشأن ذكرت وسائل إعلام رسمية أن محتجا تونسيا أُصيب خلال اشتباكات مع الشرطة توفي في المستشفى، مما أطلق شرارة مزيد من المواجهات العنيفة بين المتظاهرين وأجهزة الأمن في بلدة سبيطلة. وأبلغت أسرة هيكل الراشدي وسائل إعلام محلية بأنه أُصيب بعبوة غاز مسيل للدموع بعد المشاركة في المظاهرات التي اندلعت في ذكرى ثورة عام 2011 التي جلبت الديمقراطية إلى تونس.
وقالت وكالة تونس أفريقيا للأنباء الرسمية أن مكتب المدعي العام في القصرين، أكبر مدينة قرب سبيطلة، والتي تبعد نحو ثلاث ساعات إلى الجنوب من تونس العاصمة، أمر بتشريح الجثة لتحديد أسباب وفاة الراشدي. وأضافت الوكالة أنه بعد ذيوع نبأ وفاته حاولت مجموعة من الشبان اقتحام مركز الشرطة في سبيطلة وإحراقه، مما أفضى إلى مزيد من الاشتباكات. وزاد ذلك من سخونة الأجواء قبيل مظاهرات مقررة في العاصمة ومدن أخرى احتجاجا على عدم المساواة وانتهاكات الشرطة.
ومنعت السلطات المتظاهرين في احتجاج بالعاصمة التونسية من دخول شارعها الرئيسي، لكن المئات نظموا مسيرة إلى وسط المدينة مرددين شعار “الشعب يريد إسقاط النظام”. وعلى الرغم من أن لدى تونس انتخابات حرة وحرية تعبير أكبر من جيرانها، فإن ثورتها لم تفلح في تحقيق فوائد ملموسة لمعظم المواطنين في ظل اقتصاد متداع منذ سنوات وتراجع الخدمات العامة. وبعد عقد من الاحتجاجات الحاشدة التي أنهت حكم الرئيس الراحل زين العابدين بن علي وفجرت انتفاضات في جميع أنحاء الشرق الأوسط، تفاقم الغضب وسط الركود الاقتصادي والوباء العالمي واتساع الفجوة بين التونسيين وقادتهم.
ولا يكاد يُسمع سوى حديث السياسيين عن تعديلات حكومية ومناصب وزارية ومواقع في السلطة ونفوذ وعن كل شيء تقريبا إلا القضايا المحورية التي تهم حياة التونسيين الذين يركب كثير منهم قوارب الموت باتجاه أوروبا بحثا عن فرص حياة أفضل. محمد أحد الشبان الذين شاركوا في الاحتجاجات يقول “لا يوجد شيء هنا .. انظروا إلى الفقر والبؤس ..الحكومة لا تقدم لنا أي مساعدة أو فرص لنغير الحال للأفضل.. أصلا نحن لا نعرف الحكومة إلا من خلال عربات الشرطة القادمة لاعتقال الشباب”. ومحمد، الذي رفض نشره اسمه كاملا خشية انتقام الشرطة، واحد من بين 10 فتية منقطعين عن الدراسة وعاطلين عن العمل كانوا يقفون في زقاق بالزهروني يمررون بينهم سجائر وزجاجات مياه غازية وقطع مخدرات. بحسب فرانس برس.
وقال المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية إن عدد المهاجرين التونسيين الذي وصلوا إلى الشواطئ الإيطالية في قوارب خلال 2020 زاد خمسة أمثال العدد في عام 2019 ليصل إلى حوالي 13 ألفا، وهو أعلى عدد منذ 2011، مع تزايد المصاعب الاقتصادية والاجتماعية في تونس. ويعزز ذلك مزيد من البؤس والبطالة التي تؤثر على مئات الآلاف من الشبان مع ارتفاع عدد المنقطعين عن الدراسة بشكل كبير ليصل الى 100 ألف سنويا وفقا لمنظمات غير حكومية.
قمع من جديد
قال رئيس الوزراء هشام المشيشي إنه يتفهم الإحباط الاقتصادي الكامن وراء الاضطرابات لكنه تعهد بمواجهة أي عنف في الشارع بصرامة. قال رئيس الحكومة هشام المشيشي في كلمة متلفزة “الأزمة حقيقية والغضب مشروع (…) لكن الفوضى مرفوضة وسنواجهها بقوة القانون”. وقبل قليل من الذكرى العاشرة للثورة أمرت حكومة المشيشي بفرض العزل العام لمدة أربعة أيام، وتشديد إجراءات حظر التجول ومنع الاحتجاجات. وقال المتحدث باسم وزارة الداخلية خالد الحيوني إن الشرطة اعتقلت 632 بعد ما وصفته بأعمال شغب في أنحاء البلاد شملت أعمال نهب وهجمات على الممتلكات. وقالت الوزارة إن معظم المعتقلين تتراوح أعمارهم بين 15 و20 عاما. وطالب المتظاهرون بإطلاق سراح المعتقلين في أحداث الأيام الماضية. والاحتجاجات اختبار حقيقي لحكومة هشام المشيشي الذي قرر إجراء تعديل وزاري واسع وزارة شمل عدة وزارات من بينها الداخلية والعدل والطاقة.
وتندد أسر ومنظمات غير حكومية في تونس بحملة اعتقالات “عشوائية” طالت المئات في البلاد، على غرار مريم التي تروي كيفية توقيف ابنها: “دفعت الشرطة باب الدار واعتقلته على الدرج”. وتكرر هذه المرأة ذات الاعوام ال39 في منزلها في ضواحي تونس العاصمة على مسامع زوار أو متصلين، أنّ “الجيران شهود” على ما جرى مع نجلها سيف الدين (18 عاماً).
وتشدد على أنّه لم يشارك في الاضطرابات التي انطلقت شرارتها غداة الذكرى العاشرة لسقوط نظام الرئيس زين العابدين بن علي في 14 كانون الثاني/يناير 2011 واستعرت في عدّة أحياء شعبية، خصوصاً في ضواحي العاصمة تونس.
وأوقفت الشرطة سيف الدين وهو طالب في المعهد الثانوي التقني وليست له سوابق عدلية. ووجهّت له تهمة احداث الشغب وأودع سجن مرناق في الضاحية الجنوبية للعاصمة، وفق والدته. وتقول السلطات التونسية إنّ “أعمال الشغب” التي وقعت في مناطق عدّة في تونس، قام المحتجون خلالها بتكسير واقتحام مؤسسات مالية ورموا قوات الامن بالحجارة وزجاجات حارقة، ما أسفر عن إصابة 21 أمنيا بحروق وكسور.
وتجمّع العشرات من أفراد أسر حالها كحال أسرة مريم، أمام مقرّ المحكمة الابتدائية في العاصمة الأربعاء حيث نددوا ب”الاعتقالات التعسفية والعشوائية” التي لحقت بأبنائهم. وأكدوا أنّ المئات من الشبان أوقفوا في نواح بعيدة عن بؤر الاضطرابات، وأنّهم سجنوا بسبب خرقهم حظر التجوّل. وكشفت منظمات غير حكومية ونقابات، من بينها “الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الانسان” ونقابة الصحافيين، أن قوات الامن أوقفت ألف شخص، منددة في بيان ب”التعامل الأمني العنيف والايقافات العشوائية (…) التي لن تؤدي إلا إلى تغذية الغضب”. بحسب رويترز.
وقالت عضو منظمة “محامون بلا حدود” أميمة المهدي، أنّ “غالبية الملفات (تشوبها) خروقات اجرائية جسيمة”، خاصة في ما يتعلق “بالقصّر الذين أوقفوا وحوكموا في غياب عائلاتهم أو مندوب للطفولة”. وندد مدير المنظمة أنطونيو منغانلا ب”المحاكمات المستعجلة”، لافتاً إلى أنّ “الخطر الأساسي خلال هذه الفترة هو توظيف تدابير مكافحة الجائحة من أجل الحد من الحريات والحقوق”.
ضحايا الثورة
فقد مسلم قصدالله (31 عاما) ساقه خلال مواجهات مع الشرطة التونسية بعيد سقوط نظام زين العابدين بن علي قبل عشر سنوات، ولا يزال يخوض حتى اليوم معركة الاعتراف به رسميا كضحية من ضحايا ثورة 2011، ما يمكن أن يؤمن له تعويضا معنويا وماديا. ويقول مُسلم “ما لم تعترف الدولة بالشهداء والجرحى لا يمكن الحديث عن ثورة”.
واندلعت احتجاجات سلمية في تونس بعد أن أقدم الشاب محمد البوعزيزي في 17 كانون الأول/ديسمبر 2010، في محافظة سيدي بوزيد (وسط) على إحراق نفسه احتجاجا على الوضع المعيشي ومعاملة سيئة من الشرطة، وتوفى نتيجة ذلك. وتصادم المحتجون مع قوات الأمن وسقط قتلى وجرحى خلال مواجهات في العاصمة وفي الولايات الداخلية. وتفيد إحصاءات رسمية نشرت في أيار/مايو 2012 عن مقتل 338 تونسيا وإصابة 2147 بجروح خلال الانتفاضة الشعبية.
ومطلع تشرين الأول/أكتوبر 2019، نشرت “الهيئة العليا لحقوق الانسان والحريات الأساسية” على موقعها الإلكتروني قائمة تتضمن أسماء 129 ضحية و634 مصابا. وحال مسلم كحال المئات الآخرين من الذين احتجوا ضد مضايقات الشرطة خلال تظاهرات انتهت بهروب الرئيس الأسبق الراحل في 14 كانون الثاني/يناير 2011. ولا يزال هؤلاء الضحايا يحملون الى اليوم آثار الرصاص في أجسادهم.
وفي الذكرى العاشرة لسقوط نظام بن علي أو “ثورة الحرية والكرامة”، يجدد هؤلاء طلبهم نشر قائمة الجرحى والشهداء في الجريدة الرسمية ليضمنوا اعترافا رسميا فعليا بهم وجبر ضرر مادي. ويقول مسلم العاطل عن العمل، وهو ينظم مع عشرات من الجرحى الآخرين اعتصاما داخل فرع لمقر رئاسة الحكومة بالعاصمة مخصصا “للهيئة العامة للمقاومين وشهداء وجرحى الثورة والعمليات الإرهابية”، “قدمنا دماءنا لكتابة التاريخ، ويجب أن يُكتب التاريخ اليوم بتطبيق القانون وإصدار القائمة”.
وأصيب مسلم برصاص في أحداث منطقة الوردانين (شرق) في 15 كانون الثاني/يناير 2011، ما تسبب في بتر ساقه، وقام بعمليات جراحية عدة، ويخشى أن تتدهور صحته ويلقى مصير أربعة جرحى توفوا منذ الثورة بسبب سوء المتابعة الصحية. ويضيف “رجال السلطة لا يريدون الاعتراف بالثورة… هذا عار! يستخسرون…. في أبناء تونس الاعتراف لهم بالثورة”. ويتابع مسلم “خسرت ساقي في أحداث الثورة ومستعد للتضحية بالأخرى من أجل البلاد”، مضيفا “لن أندم ولو أقتل بالرصاص… ضحينا بأرواحنا من أجل العيش بكرامة، وهذا حق”.
وأصيب رشاد العربي (30 عاما) في 13 كانون الثاني/يناير 2011، اخترقت صدره رصاصة في مواجهات مع قوات الأمن في منطقة مرناق (شرق)، وتسببت له بإعاقة لزم على إثرها كرسيا متحركا. وتبرّر السلطات تأخر نشر القائمة بغياب الاستقرار السياسي، بالإضافة الى ما تتطلبه الملفات من وقت طويل للتدقيق فيها. ويقول رئيس “الهيئة العامة للمقاومين وشهداء وجرحى الثورة والعمليات الإرهابية” عبد الرزاق الكيلاني “هناك تذبذب وعدم استقرار حكومي… هناك ربما مخاوف على الأمن العام وربما غضب واحتجاج من طرف من لم يتم إدراج أسمائهم”.
وينتقد العديد من التونسيين عودة ظهور رجال نظام بن علي في الحياة السياسية، بعضهم ينشط داخل أحزاب لها ثقل برلماني والبعض الآخر تم تكليفه بمهام سياسية ووظائف عليا في الدولة دون أن تكون هناك محاسبة أو مصالحة معهم لما اقترفوه في حق الشعب. وفي 2014، تم إنشاء “هيئة الحقيقة والكرامة” بهدف تحقيق العدالة لضحايا الحكم الدكتاتوري. وحوّلت الهيئة ملفات الى القضاء بعد جلسات استماع وتحقيق طويلة في قضايا انتهاكات واغتيالات وقمع.
وبدأت محاكمات في 2018، بعضها حول قتل متظاهرين في 2011، لكن لم تصدر أحكام الى اليوم. وحمل الرئيس التونسي قيس سعيّد لواء الدفاع عن حقوق ضحايا وجرحى الثورة عاليا خلال الانتخابات الحملة الانتخابية الرئاسية في العام 2019. وفاز بالرئاسة بأكثر من 70 في المئة من الأصوات. وعبّر عن استعداده لتقديم اعتذار رسمي باسم الدولة لكل من لحقه انتهاك من السلطات منذ الاستقلال، لكنه وفي المقابل لم يتخذ قرارات لضمان حقوق هؤلاء.
إصلاحات اقتصادية
حثّ صندوق النقد الدولي تونس على وضع خطة إصلاح اقتصادي وتعزيز الحماية الاجتماعية في وقت تشهد البلاد صعوبات في تأمين الموارد لموازنة عام 2021. ونفذ خبراء من صندوق النقد الدولي مهمة دورية بشكل افتراضي في تونس بين كانون الأول/ديسمبر وكانون الثاني/يناير. وانتهى برنامج دعم لأربعة أعوام أقره الصندوق لصالح البلاد في ربيع 2020 ولم يعلن مذاك عن برنامج مماثل.
واعتبر الصندوق أن استجابة السلطات التونسية “بصورة استباقية” في الربيع سمحت باحتواء الموجة الوبائية الأولى، لكن ذلك أدى إلى انكماش الناتج المحلي الاجمالي بنسبة 8,2 بالمئة عام 2020. وتوقع صندوق النقد الدولي انتعاش النمو بنسبة 3,8 بالمئة عام 2021، لكنه نبه إلى أن هذا التوقع يعتمد على مدى تحسن الوضع الوبائي وسرعة التطعيم. وقدّر أنه “من الضروري إعطاء أولوية مطلقة للإنفاق على الصحة والحماية الاجتماعية”، مع دعوته إلى “اعتماد خطة إصلاح واسعة النطاق وذات مصداقية” لتحقيق “نمو دائم واحتوائي وشامل على المدى المتوسط”.
ويدعو الصندوق السلطات التونسية منذ زمن إلى توجيه مساعدات مباشرة للعائلات الفقيرة عوض نظام دعم أسعار بعض المواد، مثل الخبز والمحروقات، الذي يستفيد منه الجميع حاليا. كما تدعو الهيئة المالية إلى تقليص عدد الموظفين الحكوميين وخفض الدعم الموجه للشركات العامة التي تواجه صعوبات مالية. وتعاني عدة شركات عامة، بينها الخطوط الجوية التونسية وشركة فوسفات قفصة، سوء الإدارة وضعف الاستثمار فيها وارتفاع ديونها. وفاقمت تداعيات كوفيد-19 الأزمة الاجتماعية، لا سيما مع انهيار مداخيل قطاع السياحة المهم للاقتصاد التونسي، وتضرر القطاعات غير المنظمة التي تعيل عائلات كثيرة.
كما تواجه تونس خطر خسارة عشرات ملايين الدولارات اختلسها قريبون من الرئيس الاسبق زين العابدين بن علي وهي مجمدة في سويسرا، بسبب انتهاء مدة تجميد هذه الأصول، وفق ما أفاد مسؤول تونسي. وقال المسؤول في الرئاسية التونسية طالباً عدم الكشف عن اسمه إن “المجلس الفدرالي السويسري أعلن أن التجميد الإداري لجزء من هذه الأصول التابعة لمعسكر بن علي سينتهي منتصف ليل 19 كانون الثاني/يناير، وقد أُبلغنا بهذا الأمر من خلال قنوات دبلوماسية”.
في 19 كانون الثاني/يناير 2011، بعد خمسة أيام من فرار الرئيس بن علي الذي أطاحت به انتفاضة شعبية، أمر المجلس الفدرالي السويسري على سبيل الاحتياط بتجميد أصول بن علي وأوساطه في سويسرا. ويمكن أن تمتدّ فترة التجميد القانونية إلى عشرة أعوام. وتوفي الرئيس المخلوع عن عمر يناهز 83 عاماً في 2019 في منفاه في السعودية. بحسب فرانس برس.
وبحسب منظمة “بابليك آي” السويسرية غير الحكومية، قد يكون قريبون من بن علي نقلوا 320 مليون دولار عبر مركز جنيف المالي أثناء سنوات 2000. وأكد المسؤول في الرئاسة التونسية أن نتيجة رفع تجميد هذه الأصول ستكون أن بين 30 و50 شخصاً من أوساط بن علي خصوصاً زوجته ليلى الطرابلسي وشقيقها بلحسن الطرابلسي، “سيتمكنون من استعادة الأموال”. وأضاف “نحن على تواصل يومي مع السلطات السويسرية لكن رغم تفهمها، سيكون من الصعب القيام بأي شيء “.
وأوضح أنه كي تتمكن تونس من استعادة هذه الأموال، تطلب السلطات السويسرية صدور أحكام نهائية. إلا أن الاجراءات القانونية لا تزال قائمة. وقال إن انعدام الاستقرار السياسي في تونس منذ الثورة وتتالي تسع حكومات، عقّدا معالجة هذا الملف. وبحسب صحيفة “لو تان” السويسرية، فإن وزارة الخارجية السويسرية “أعطت السلطات التونسية الجديدة الوقت اللازم لإقامة تعاون قانوني مع سويسرا”. وقالت الوزارة للصحيفة “خلال العام المنصرم، تم تنبيه السلطات التونسية من جانب السلطات السويسرية مرات عدة على مستويات عدة لجهة الانتهاء المقبل للتجميد الإداري”. ووفق الصحيفة السويسرية، فإن الرئيس التونسي السابق الباجي قائد السبسي (أواخر 2014-2019) لم يخفِ يوماً تحفظاته بشأن تعقّب قريبين من بن علي، مفضلاً إصدار قرارات عفو.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد