- الإعلانات -

- الإعلانات -

احتفالات المولد في القيروان وموسم التملص من ضغط الوباء

 تنطلق مساء اليوم الجمعة فعاليات الإحتفال بالمولد النبوي الشريف بولاية القيروان، وذلك وفق برنامج متنوع كانت قد ضبطته جمعية المهرجان. َيمتد الإحتفال على مدار أربعة أيام من 15 إلى 19 من شهر أكتوبر الجاري، ويأتي هذا بعد مرور سنتين شديدتين على المتساكنين وكل المنتفعين من المهرجان بسبب إستفحال الوباء وغلق البلاد ، ما أسهم في تردي الأوضاع الإقتصادية والإجتماعية، ولهذا يبدو المهرجان متنفسا ماديا للباعة والعارضين، ونفسيا لجل الذين إكتووا بقرارات الحجر ولزموا البيوت. 

مهرجان متنوع عروضا ومعارضا

لطالما كان لمهرجان الإحتفال بالمولد النبوي الشريف خصوصية مميزة، فالولاية هي عاصمة الثقافة الإسلامية ومهد الازدهار الفكري. يعتبرها التونسيون المجال الذي يمكن أن يعيش فيه المواطن مع تقاليده هوية وعقيدة. 

ويتضمن المهرجان عروضا متنوعة، منها  العروض الصوفية التي تجسد تاريخا خاصا لفئة هامة من التونسيين، كما أن هذه العروض هي بمثابة الدروس التي تكشف لنا عن الوجوه الثقافية الأخرى التي تعيش معنا، ولعل الأمر يتوقف على حد مقاربة كلود ليفيستراوس والحاجة إلى الثقافة، هوية كانت توحدنا جميعا، تحتوينا ونحتويها، وتوحدنا تحت رايتي المواطنة والثقافة، على الأقل في الوقت الذي تشهد فيه البلاد مرحلة إقتصادية صعبة. 

لكل هذه الأسباب يتوجه الشاب وسيم الجملي عائدا إلى مدينته، ليعيش أجواء الإحتفال ويترفه مع رفيقه هاشم، بعيدا عن إلتزاماته المهنية والمعرفية بالعاصمة، يقول وسيم ”… الحياة في القيروان خاصة أيام المهرجان تبدو مغايرة تماما للحياة في هذا الوطن، تنسى كل الضغوطات الإقتصادية والإجتماعية، وتذهب بك ذائقتك إلى سكر الحلويات التي يعدها الحلوانيون… إنك مع كل تلك الأجواء تنسى كل شيئ وتشرع وبصفة مباشرة في حب وطنك نظرا للرصيد الثقافي الذي تمتلكه وتتشاركه أنت وهذا الشعب “،هكذا يرى وسيم كعدد مهم من الشباب الذين يخيرون ترك كل الإلتزمات التي تحتويهم، ويتوجهون إلى هناك لإراحة العقلانية من التفكير، 

ويتأثث المهرجان الذي ينتظم هذه الأيام من عروض على غرار الصوفية كما سبق أن أشرنا إليها، إلى العروض الدينية والمحاضرات والإبتهالات مثل “المدحة” و عرض “ننده الاسياد” و”صلاح القيروان ” الى جانب تنظيم حفلات انشاد ديني، و عروض اخرى لفرق فلكلورية في كل الساحات بمدينة القيروان ، ناهيك عن معارض الصناعات التقليدية كالمعرض الإقتصادي بساحة أولاد فرحات الذي ينظمه إتحاد الصناعة والتجارة، ومعرض المخطَوطات القيروانية بدار زروق والذي تنظمه جمعية سيدي حسين العلاني ، هذا بالإضافة إلى فنون صناعة الحلويات والقطع التي تعيد المخيال والذاكرة إلى شوط زمني بعيد، تذكر بذلك كل الأجيال بما عاشوه وما كان يعيشه أجدادهم من قبل. 

المهرجان فرصة ملائمة لتعافي الإقتصاد

في مثل هذا اليوم من السنة الماضية، كان الإقتصاد الوطني يشكو عجزا فادحا ، فقرارات غلق المقاهي والمطاعم والفضاءات التجارية وكل المشاريع الصغرى أدى إلى إندثار ملامح الإحتفال بهذه المناسبة المجيدة، ودفع بكل المهتمين الا لزوم بيوتهم بطريقة لا تلزم، مكرهين بذلك على ذلك. الا أن الفرصة اليوم باتت متاحة، خاصة بعد تلقيح الشعب وحذف تونس من قائمة الدول الخطيرة وباءا، يبدو أن الإحتفال يكاد يكون إحتفالين. أول بالمهرجان وثان بإنفراج الوضع الوبائي. 

في هذا الصدد كان رئيس جمعية مهرجان المولد النبوي الشريف علي بن سعيد بأن هذه الدورة الرابعة ستكون فريدة من نوعها، وهي تحت شعار ” القيروان تتعافى”. وذلك بعد مرور عامين من إلغاء المهرجان بسبب الوباء، وأشار المدير ” هي اللحظة التي ستستعيد فيها القروان بريقها كما كانت من قبل، أول أحسن من ذلك بكثير، خاصة بعد الركود الإقتصادي… وبالتالي فالاحتفال هو مناسبة ينتظرها الأهالي بكل شغف، بإعتبارها الفترة الملائمة لإنتعاش الحياة الاقتصادية لكل من التجار والحرفيين، ولهذا السبب وقع تنظيم معرض للصناعات التقليدية ومعارض أخرى إقتصادية الطابع ومعرضا لجمعية المحافظة على التراث “.

هكذا هي الأجواء في عين الجمعية المعنية بالتنظيم، لحظات ينتظرها المواطنين من القيروان ومن خارجها، وكل الذين يعتزمون التوجه الى هناك. فخلال هذه السنة بالذات قد تكون القافلة المتجهة إلى القيروان كبيرة وطويلة، إعتبارا لعائق الكوفيد الذي كان بمثابة السلطة السجنية لكل التونسيين. 

هكذا بدت مظاهر الإستعداد لإطلاق الإحتفال، سعادة تسكن عديد الفئات بعد القلق النفسي الكبير الذي حتم على كل من وسيم وهاشم السنة الفارطة البقاء في المنزل، وإن كانت الظروف قد كثفت من المشاكل النفسية لعديد المواطنين، فإن المناسبة للإقلاع عن تلك المآزق قد آنت الأن ، لكل الذين يرغبون في تبديل الكساء الذي بات باليا بعد عامين من الوباء.

 

إسكندر نوار

#احتفالات #المولد #في #القيروان #وموسم #التملص #من #ضغط #الوباء

تابعوا Tunisactus على Google News

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد