الإستشارة الوطنية: أداة لتحديد خيارات المستقبل أم للتوظيف السياسي؟

منذ الإعلان عنها في 13 ديسمبر الماضي من قبل رئيس الجمهورية ما تزال الإستشارة الإلكرونية التي تمّ إطلاقها مؤخرا تثير جدلا واسعا في تونس بين مؤيّد ومعارض وسط تساؤلات عن جدواها والفائدة التي يمكن أن تنتج عنها لوضع البلاد على سكّة إصلاح يتفق الجميع حول ضرورته ولكنهم يختلفون حول آلياته ومجالاته.

برنامج ميدي شو الخميس 20 جانفي 2022 سلّط الضوء على هذه الإستشارة وفتح باب النقاش حولها من خلال استضافة أستاذة القانون الدستوري منى كريّم والباحث في علم الاجتماع حسان قصار ومدير عام مؤسسة “سيغما كونساي” حسن زرقوني.

 

طريقة طرح الأسئلة قد تخفي نوايا غير معلنة

وبالنسبة لمنى كريم، أستاذة القانون الدستوري فإنّه لا يجب اعطاء هذه الإستشارة قيمة أكبر من حجمها، معتبرة أنّها ليست الطريق لحلّ مشاكل البلاد.

وترى بأنّ هذه الإستشارة تحمل في طياتها جملة من الإشكاليات تتعلّق بالهدف منها وبطريقة طرح الأسئلة وما إذا كانت ستمكّن من الحصول على آراء واضحة حول مشاكل التونسيين، مشيرة إلى وجود غموض في طريقة طرح الأسئلة قد يخفي نوايا غير معلنة.

 وتعتبرضيفة ميدي شو أنّ هناك نوع من التوجيه للرأي العام من خلال طريقة  طرح السؤال، كما أنّ الخيارات، حسب رأيها،  لا تعطي صورة واضحة ووفية لمواقف المستجوبين الذين قد تكون توجهاتهم السياسية مختلفة، لكن الخيارات المطروحة قد تجعلهم يختارون نفس الخيار مع أنّ لكلّ منهم وجهة نظر مناقضة لوجهة الآخر. 

كما أشارت إلى مخاوف من أن تكون إجابات المشاركين في الإستمارة اعتمادا على العاطفة وليس عن معرفة. 

ووفقا لأستاذة القانون الدستوري فإنّ المناخ المتشنّج لا يمكن أن يمثّل أرضية جيّدة لإجراء الإستشارات. وهي ترى بأنّه لا بديل عن الحوار الوطني وأنّ الإستشارة الإلكترونية يمكن اعتمادها كمنطلق لهذا الحوار ولكن ليس قاعدة للإصلاح وفق تقديرها. 

 وتساءلت منى كريّم عن الجهة التي ستقوم بتأليف المعطيات وتقديم الإستنتاجات، معتبرة أنّ شفافية هذه العملية غير مضمونة.  

 

الإستشارة مقياس لتحديد التوجهات العامة التي ستعتمدها الحكومة

من جانبه يرى حسن قاصار الباحث في علم الإجتماع أنّه لا ضرر من القيام بهذه الإستشارة، لأن الدولة التونسية بحاجة إلى الإستئناس بالآراء. وتابع أنّه  يمكن القيام باستشارة من خلال عيّنة تمثيلية ولكن الحكومة اختارت أن تكون استشارة واسعة، وهي في كلّ الأحوال  لا يمكن ان تكون ممثلة لفئات الشعب التونسي. 

ويعتبر قصّار أنّها تجربة جيدة وإيجابية يمكن للحكومة ان تستأنس بها لا غير، مقرّا بأنّ بعض الأسئلة الأسئلة المطروحة قد تصعب الإجابة عنها من قبل الكثيرين، لكنّه قلّل من أهمية ذلك بإعتبار أنّ  تقاطعات الأجوبة يمكن أن تعطي توجه عاما.

وهو يرى بأنّ التقارير التأليفية للمعطيات التي ستفرزها الإستشارة ستفيد  في الحصول على نتائج تستأنس بها الحكومة لوضع برامج المستقبل.
 

واعتبر قصّار أنّ أغلب الأجوبة معروفة مسبقا، مضيفا أنّ 80 بالمائة من الأسئلة المطروحة تمّت الإجابة عليها في إطار دراسة ستصدر في كتاب قريبا.
 

غياب المنهجية العلمية للإحصاء

أما حسن الزرقوني مدير عام مؤسسة سيغما كونساي لسبر الآراء فيرى بأنّ هذه الإستشارة تضمّنت عدّة أخطاء وهي لم تراع وفق تقديره المنهجية العلمية للإحصاء. 

واعتبر أنّها قد تمثّل إشكالا من حيث أنّها قد تُوظّف لكسب مشروعية لسياسات عامة ستتخذ بناء على هذه الإستشارة.

كما أشار إلى عدم إمكانية مشاركة شرائح من المجتمع في هذه الإستشارة بسبب الهوة الرقمية والأمية فضلا عن فئات لديها ”حساسة سياسية”.

ويرى بأنّ هذه الإستشارة لا تضمن سرية الإجابات وعدم معرفة هويات أصحابها، وهو ما قد يجعل الشخص يغيّر إجاباته. 

كما أشار إلى عدم وجود أي ضامن بشأن عدم قيام شخص بالإجابة مكان أشخاص آخرين.  

 ويرى الزرقون أنّه كان من الأجدى تنظيم استشارة نوعية من خلال حلقات نقاش في 350 بلدية.

#الإستشارة #الوطنية #أداة #لتحديد #خيارات #المستقبل #أم #للتوظيف #السياسي

تابعوا Tunisactus على Google News
[ad_1]

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد