- الإعلانات -

- الإعلانات -

الشبح الذي يسكن أقبية القصر الرئاسي في قرطاج

تتهم المعارضة التونسية قيس سعيد بالقيام بانقلاب على الربيع العربي في تونس بدء بحل البرلمان في عام 2021 والتحرك نحو الحكم بمراسيم وإقرار دستور جديد من خلال استفتاء بمشاركة منخفضة.
كما اتهمته جماعات حقوقية بتقويض استقلال القضاء من خلال استبدال الشخصيات الرئيسية في الهيئة القضائية العليا في تونس. وحذر سعيد من أن القضاة الذين يطلقون سراح المعتقلين هذا العام سيعتبرون شركاء لهم.
واحتج عشرات الصحفيين والنشطاء رفضا للقيود على الحريات وتزايد نسق المحاكمات التي تستهدف الصحفيين والمدونين. وتظاهر العشرات من القضاة المقالين من قبل الرئيس التونسي قيس سعيّد للتنديد “بوضع اليد” على السلطة القضائية وسياسة التوظيف. وطالت اعتقالات شخصيات معارضة خلال الأشهر القليلة الماضية هاجمها منتقدو سعيّد باعتبارها حملة سياسية تهدف لإسكات المعارضة، وأثارت مخاوف حقوقيين من موجة اعتقالات لاتتوقف.
ويقول سعيد ان إن أفعاله قانونية وضرورية لإنقاذ البلاد، واتهم خصومه بأنهم مجرمون وخونة وإرهابيون. فقد قالت محامية لرويترز إن قاضيا تونسيا فتح تحقيقات جديدة تشمل شخصيات سياسية بارزة بينها رئيس الوزراء السابق يوسف الشاهد والمديرة السابقة لمكتب الرئيس قيس سعيد وراشد الغنوشي زعيم حزب النهضة المعارض بشبهة التآمر على أمن الدولة.
وقالت المحامية نادية الشواشي إن قائمة المشتبه فيهم في القضية تتضمن الغنوشي المسجون بالفعل ورئيس الوزراء السابق الشاهد، ونادية عكاشة المديرة السابقة لديوان سعيد.
وأضافت الشواشي أن القائمة تشمل أيضا محمد ريان الحمزاوي الرئيس السابق لبلدية الزهراء بالعاصمة تونس وعسكريا متقاعدا والصحفية شهرزاد عكاشة.
وأصدر القاضي قرارا بسجن الحمزاوي والعسكري المتقاعد، وفقا للشواشي.
وقالت الشواشي وهي محامية الحمزاوي إن قرار سجن موكلها ظالم ولا يستند لأي أدلة.
وأضافت أنه سجن فقط بدعوى أنه على اتصال بنادية عكاشة مديرة ديوان سعيد السابقة والتي استقالت من منصبها. وتابعت قائلة إن الحمزاوي وعكاشة كانا من ألد الأعداء وليس بينهما أي اتصال.
وكان الغنوشي (81 عاما)، رئيس البرلمان السابق، من بين أبرز الشخصيات السياسية، إذ لعب حزبه النهضة دورا في الحكومات المتعاقبة خلال الفترة الديمقراطية بعد ثورة 2011.
وحُكم عليه هذا الشهر بالسجن لمدة عام بتهمة التحريض على رجال الشرطة. وأغلقت الشرطة مكاتب حزب النهضة الإسلامي الذي كان في ائتلافات حاكمة مع الأحزاب العلمانية.
وكان الشاهد رئيسا للوزراء من 2016 إلى 2020، وكان أحد المرشحين الذين خسروا أمام سعيد في الانتخابات الرئاسية لعام 2019.
وكان يُنظر إلى نادية عكاشة على أنها أقرب المقربين لسعيد إلى أن تركت منصب مديرة مكتبه العام الماضي وانتقلت إلى فرنسا قبل ظهور تسجيلات صوتية مسربة نتنقد فيها سعيد بشدة.
وقالت نادية عكاشة على صفحتها الرسمية بفيسبوك إنه تم الزج باسمها داخل قائمة لا يمكن أن يجمعها بهم أي شيء.
وأضافت “آثرت منذ استقالتي احترام واجب التحفظ وابتعدت لعدة أسباب ولكني سأعود وسأدلي بما لدي حتى يعلم التونسيون من الخائن ومن المتآمر”.
وضع اليد على السلطة القضائية
تظاهر العشرات من القضاة المقالين من قبل الرئيس التونسي قيس سعيّد للتنديد “بوضع اليد” على السلطة القضائية وسياسة التوظيف، وفقا لمراسلة فرانس برس.
ودعت “جمعية القضاة التونسيين” للتظاهرة التي شارك فيها قضاة ومحامون بزيهم الأسود فضلا عن ممثلين لمنظمات المجتمع المدني أمام المحكمة بالعاصمة في ظل انتشار رجال شرطة بزي مدني.
وردد المتظاهرون شعارات من قبيل “الشعب يريد قضاة ولا عبيد” و”القضاء سلطة وليس وظيفة” و”حريات، لا قضاء التعليمات”.
وفي 1 حزيران/يونيو 2022، قام الرئيس التونسي الذي يحتكر جميع السلطات في البلاد، بإقالة 57 قاضياً بموجب مرسوم رئاسي، متهماً إياهم بالفساد وعرقلة العديد من التحقيقات.
وبعد شهرين أوقف القضاء قرار إقالة 49 قاضياً وقرّر استئناف عملهم.
وقال المتحدث باسم لجنة الدفاع عن القضاة المحامي العياشي الهمامي إنه “بالرغم من القرار النهائي، إلا ان الرئيس ووزيرة العدل يرفضان تطبيق القانون ما يمثل جريمة يعاقب عليها القانون”.
وبحسب العياشي، الذي كان معارضا شرسا لنظام الرئيس الراحل المخلوع زين العابدين بن علي، تم تقديم 37 شكوى منذ كانون الثاني/يناير ضد وزيرة العدل ليلى جفال بتهمة “انتهاك القانون” في هذه القضية.
وتابع “لقد أصبح القضاء تحت التعليمات والرئيس يرهب عن طريق تصريحاته التي يعبر فيها عن مواقفه حول مسائل سياسية وقضائية”.
بدوره أكد القاضي المعزول حمادي الرحماني “عوقبنا من قبل السلطة لأننا رفضنا الأوامر لتوقيف شخصيات سياسية”.
وخاطب الهمامي الرئيس سعيّد “لو دامت لغيرك لما آلت إليك”.
وفي العام 2022، قام سعيّد بحل المجلس الأعلى للقضاء واستبدله بمجلس موقت عين أعضاءه، قبل أن يعزز بمرسوم إشرافه على النظام القضائي من خلال إتاحة عزل القضاة.
وفي الدستور الجديد، يعين الرئيس القضاة بناءً على اقتراح من المجلس الأعلى للقضاء، الامر الذي كان من صلاحيات الاخير.
قضاء التعليمات
وفي سياق متصل تجمّع العشرات من الصحافيين التونسيين في العاصمة التونسية للتنديد بـ”قمع” السلطات، متّهمين إياها بتوظيف القضاء للتضييق على الصحافيين ووسائل الإعلام.
واعتصم الصحافيون أمام مقر “النقابة الوطنية للصحافيين التونسيين” ورددوا شعارات من قبيل “املأ السجون يا قضاء التعليمات” و”حريات حريات دولة البوليس انتهت”.
وبدعوة من النقابة، احتج المتظاهرون أيضًا على حكم الاستئناف الصادر بحق مراسل إذاعة “موزييك اف ام” الخاصة خليفة القاسمي، والقاضي بسجنه خمس سنوات لنشره معلومات أمنية.
وحوكم القاسمي بتهمة “افشاء عمدا إحدى المعلومات المتعلقة بعمليات الاعتراض أو الاختراق أو المراقبة السمعية البصرية أو المعطيات” على ما أفاد محاميه.
وقال نقيب الصحافيين مهدي الجلاصي في خطاب في تظاهرة الخميس “هناك توجه واضح وصريح من السلطة نحو تكميم الأفواه ونحو التضييق أكثر ما يمكن على الصحافة وحرية التعبير”.
وتابع “هي صيحة فزع أخرى على واقع الحريات وواقع المحاكمات التي يتعرض لها عدد كبير من الصحافيين والنقابيين والمدونين. اليوم آلة المحاكمات شملت الجميع”.
وبحسب الجلاصي، يُحاكم حوالي عشرين صحفيًا بسبب عملهم.
وأوقفت الشرطة طالبَين بعدما قاما بنشر أغنية ساخرة على مواقع التواصل الاجتماعي تنتقد الشرطة وقانونا لمكافحة تعاطي المخدرات.
وحذرت منظمات غير حكومية محلية ودولية من “خطورة التوجه القمعي للسلطة الحالية”.
وسبق للمنظمات الحقوقية أن انتقدت مرارا “تراجع” الحريّات في تونس منذ تفرّد الرئيس قيس سعيد بالسلطات في البلاد اعتبارا من تموز/يوليو 2021.
كما حققت الشرطة التونسية مع صحافيين يعملان في محطة إذاعية خاصة انتقدا ما اعتبراه إخلالات في عمليات توظيف عناصر الأمن.
وأمام الثكنة الأمنية في العاصمة التونسية حيث تم التحقيق، تجمّع عشرات من الصحافيين رافعين لافتات كتب عليها “سلطة رابعة لا سلطة راكعة” و”حرية الصحافة خط أحمر”.
وندد الصحافيون بالتحقيق الذي أثير تبعا لشكوى تقدمت بها نقابة أمنية في حق الصحافيين، بحسب فرانس برس.
ويعمل الصحافيان إلياس الغربي وهو أيضا مقدم برامج، وهيثم المكي في المحطة الاذاعية “موزاييك أف ام” الخاصة والأكثر متابعة من التونسيين. وكانا أثارا في برنامج “ميدي شو” في 15 أيار/مايو موضوع الهجوم الذي نفذه أحد رجال الأمن بالقرب من كنيس يهودي في جزيرة جربة وقتل فيه ثلاثة من زملائه ويهوديَيْن يوم 9 أيار/مايو.
وتحدثا عن إخلالات في عمليات توظيف ضباط الشرطة في البلاد.
وسرعان ما ردت نقابة الشرطة على مضمون البرنامج وقدمت شكوى ضد هذين الصحافيين متهمة إياهما بتشويه صورة عناصرها.
وبعد يومين تم توجيه استدعاء اليهما للتحقيق معهما لدى الشرطة المتخصصة في القضايا الجنائية.
وقالت نائبة نقيب الصحافيين أميرة محمد لفرانس برس إن “مسلسل الترهيب متواصل في تونس وهذه السياسة التعسفية تريد تكميم كل الأفواه”.
وبعد استجواب استمر ساعات، قرر محققو الشرطة إحالة الملف على نيابة تونس، وفق ما قال محامي الصحافيين أيوب غدامسي لفرانس برس.
واضاف أنه لم يتم توقيف الغربي والمكي.
ويلاحق نحو عشرين صحافيا في تونس بسبب نشاطهم، وفقا لنقابة الصحافيين.
وحُكم على صحافي آخر من المحطة الاذاعية نفسه هو خليفة القاسمي بالسجن خمس سنوات بتهمة “افشاء عمدا إحدى المعلومات المتعلقة بعمليات الاعتراض أو الاختراق أو المراقبة السمعية البصرية أو المعطيات”.
وحذرت منظمات غير حكومية محلية ودولية من “خطورة التوجه القمعي للسلطة الحالية”.
وسبق للمنظمات الحقوقية أن انتقدت مرارا “تراجع” الحريّات في تونس منذ تفرّد الرئيس قيس سعيد بالسلطات في البلاد اعتبارا من تموز/يوليو 2021.
وهذا العام ألقت الشرطة القبض على نور الدين بوطار مدير عام موزاييك ضمن حملة إيقافات استهدفت أيضا معارضين بارزين، وهو أمر أغضب دولا غربية ومنظمات لحقوق الإنسان اتهمت سعيد بتركيز حكم الرجل الواحد.
وطالب هيثم المكي، وهو أحد أبرز الأصوات الإعلامية المنتقدة لسعيد، في البرنامج الذي يحمل اسم (ميدي شو) بمراجعة أساليب توظيف رجال الشرطة بعد هجوم دموي على كنيس يهودي نفذه شرطي بالحرس الوطني وقتل خلاله زائرين يهوديين وثلاثة من رجال الشرطة هذا الشهر.
ويقدم المكي يوميا افتتاحية ساخرة تنتقد الخيارات السياسية والاقتصادية لسعيد الذي سبق أن عبر عن انزعاجه من بعض التحليلات في راديو موزاييك. وقال سعيد قبل ذلك إن حرية التفكير تأتي قبل حرية التعبير.
وكانت حرية التعبير والإعلام من المكاسب الرئيسية للتونسيين بعد ثورة 2011 التي أطاحت بالرئيس زين العابدين بن علي وأطلقت شرارة احتجاجات الربيع العربي.
لكن نشطاء وصحفيين يقولون إن حرية التعبير تواجه تهديدا خطيرا في ظل حكم سعيد.
وسيطر سعيد على أغلب السلطات تقريبا بعد أن أغلق البرلمان في 2021، في تحركات وصفها خصومه بأنها انقلاب. وتعهد بحماية الحقوق والحريات العامة وبأنه لن يكون دكتاتورا.
وقال رئيس نقابة الصحفيين مهدي الجلاصي لرويترز “هذه أوقات عصيبة… تتعرض حرية التعبير لضربات متزايدة. ويلاحق نحو 20 صحفيا ومدونا بسبب منشورات أو مواقف منتقدة للسلطات”.
اللجوء للمحكمة الإفريقية
هذا وتقدم أهالي معارضين تونسيين موقوفين بشكوى إلى المحكمة الإفريقية لحقوق الإنسان والشعوب للمطالبة بالإفراج الفوري عن أحبائهم.
وقالت يسرى الغنوشي (45 عاما)، ابنة راشد الغنوشي التي تعيش في المملكة المتحدة، لوكالة فرانس برس إن الاتهامات الموجهة إلى والدها رئيس البرلمان السابق مدفوعة “بأهداف سياسية وملفقة” وهي جزء من محاولة لسعيّد من أجل “القضاء على المعارضة”.
ووصف المعارضون التوقيفات والإدانات بأنها “انقلاب” وعودة إلى الحكم الاستبدادي في الديموقراطية الوحيدة التي ظهرت بعد انتفاضات الربيع العربي قبل أكثر من عقد.
قدّم أقارب الغنوشي والعديد من المعارضين المسجونين شكوى إلى المحكمة الإفريقية لحقوق الإنسان والشعوب في أروشا في تنزانيا، كجزء من حملة دولية للمطالبة بالإفراج عنهم.
وأكّدت يسرا الغنوشي في نيروبي عشية رحلة إلى أروشا “نأمل في أن يؤدي ذلك إلى إطلاق سراحهم وتحقيق العدالة لهم”.
وأضافت “لن يصمتوا ولن نصمت”.
كما دعت يسرا الغنوشي، على غرار العديد من أقارب موقوفين آخرين، الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وبريطانيا إلى فرض عقوبات مستهدفة على سعيّد وعدد من الوزراء “المتورطين في انتهاكات حقوق الإنسان”.
وقال رودني ديكسن، محامي الغنوشي وخمسة سجناء آخرين لوكالة فرانس برس “إنهم يحاولون الدفاع عن قضاياهم في تونس لكن كل الأبواب أغلقت”.
وأضاف أن الأهالي أرادوا اللجوء إلى القضاء ليثبتوا أن عمليات السجن كانت مخالفة لميثاق حقوق الإنسان الإفريقي وإطلاق سراحهم.
وأوضح ديكسن “لا توجد عدالة في ظل النظام هناك … ولهذا السبب يتعين عليهم اللجوء” إلى المحكمة الإفريقية، مضيفا أن الموقوفين ليس لديهم إمكان الوصول المنتظم إلى محامين ويعانون من أجل الحصول على رعاية طبية مناسبة.
وأشار إلى أن “اتهامات بالتعذيب” في حق موقوف ستُثار في المحكمة أيضا.
وقالت يسرا الغنوشي إنها قلقة على صحة والدها إذ يعاني ارتفاع ضغط الدم و”لم يعد شابا”.
سُجن رئيس البرلمان السابق مرتين في الثمانينات بتهمة ممارسة نشاطات سياسية سرية، قبل أن يغادر البلد ويبقى في المنفى 20 عاما ثم يعود بعد إطاحة زين العابدين بن علي في ثورة الربيع العربي عام 2011.
وتونس هي واحدة من ست دول في القارة انضمت إلى المحكمة الإفريقية لحقوق الإنسان والشعوب.
رسام كاريكاتوري منتقد شرس
يجلس رسّام الكاريكاتور “زاد” (اسم مستعار) من وراء مكتبه ويخط بقلمه رسما للرئيس التونسي قيس سعيّد مغيّرا ملامحه لتصبح شبيهة بوجه هتلر في محاولة منه ليكون أحد الأصوات المنتقدة بشراسة “للديكتاتورية” في تونس.
طلب هذا الرسّام (44 عاما) خلال مقابلة مع وكالة فرانس برس في العاصمة التونسية عدم الكشف عن وجهه والاكتفاء بتصوير ظله ليبقي هويته سرا وهو يحرص على ذلك منذ العام 2007 حين كان ينشط في ظل نظام الرئيس الراحل الديكتاتور زين العابدين بن علي.
كان حينها طالبًا وأنشأ موقعا على الأنترنت Debatunisie.com خاصا به “لمناقشة مواضيع تخص البيئة والتخطيط العمراني” في إطار مشروع عقاري ضخم حول منطقة البحيرة بالعاصمة من ملجأ لطيور النحام الوردي المهاجرة إلى منطقة سياحية.
اتخذ من هذا الطير لاحقا رمزا لتوقيع أعماله في التدوينات والنصوص القصيرة والرسوم الكاريكاتورية النقدية.
يقول لوكالة فرانس برس إنه في ظل حكم بن علي “كان عدم الكشف عن الهوية ضرورة، ثم جاءت الثورة التي منحتني امكانية ولو نظريًا للكشف عن نفسي للجمهور، لكن كان هناك توجه اسلامي يهدد… في حين أنه وبالنسبة لرسام الكاريكاتور، يمثل الدين مجالا مثاليا للعمل”.
اليوم، بعدما قام الرئيس قيس سعيّد باحتكار السلطات في البلاد منذ تموز/يوليو2021، وسجن نحو عشرين معارضًا لنظامه منذ بداية شباط/فبراير الفائت، “أصبح إخفاء الهوية أمرًا لا مفر منه، لأن البعض يعتقلون بسبب آراء يعبرون عنها أحيانا حتى في موقع فيسبوك. فما بالك برسام كاريكاتور ينتقد الرئيس ليلا نهارا”.
يتنقل هذا الرسام بين فرنسا وتونس بحكم عمله كمهندس معماري ويتمنى أن يتمكن من التنقل والتعبير عن نفسه بحرية. وقلما تنشر أعماله في تونس إلا أن حساباته الشخصية على مواقع التواصل الاجتماعي تلقى متابعة واسعة.
وجد “زاد” نفسه “صدفة” داخل عالم الكاريكاتور عندما تعرضت مدونته للرقابة من قبل نظام بن علي في العام 2008 و”عبر الرسوم، تمكنت من التحايل على الرقابة والوصول إلى جمهور لم يكن في الأساس مهتما بالسياسة”.
طوّر من أسلوبه على مرّ السنين ونمت موهبته من خلال اقباله على القصص المصورة على غرار “أستيريكس” أو “لوكي لوك” وأصبح نقده “أكثر حدة وشراسة”.
ينجز رسوما يظهر فيها سعيّد وعلى رأسه شفاطة حمام “لتطهير تونس” أو يظهره وهو يلبس نعالا يطلق عليها التونسيون اسم “شلاكة”.
يرى هذا الفنان أن السلطة الحالية في تونس “ديكتاتورية اتخذت منعطفًا فاشيًا” بفضل شبكات التواصل الاجتماعي التي يتداول فيها النشطاء “خطاب سعيّد الداعي للكراهية والتمييز”.
انتقد عبر أعماله كل الرؤساء الذين مروا بقصر قرطاج منذ استقلال البلاد وخصهم برسوم تعكس نظرته لهم، حتى “الزعيم الأكبر” الحبيب بورقيبة الذي يعتبر أن “كل شيء بدأ معه، المحسوبية وغطرسة الطبقة السياسية”.
ويرى “إنها لعنة، أتساءل ما إذا كان هناك شبح يسكن أقبية القصر (الرئاسي) في قرطاج، مما يجعل كل من يدخله يفقد عقله”.
يؤكد الفنان أنه “لا يدعي” أن رسومه الكاريكاتورية يمكن أن تغير من عقلية وطريقة تفكير الناس، لكنه يسعد لردود الفعل التي أثارتها أحدث إعماله المعنونة بالعربية وليس الفرنسية، رغم ورود العديد من التهديدات والإهانات أيضا.
ويوضح أنه باستخدام العربية “عندي انطباع بأنني أضاعف بروز رسوماتي، وأصل إلى ناس لا تستهويهم أساسا فكرة الرسوم الكاريكاتورية، كما اصل إلى جمهور جديد على غرار المراهقين الذين لا يميلون إلى (اللغة) الفرنسية”.
تزيد رغبته في تجسيد أفكاره عبر الرسوم مع تواتر الأحداث في البلاد، ويقول “عندما تكثر الأحداث كما في الوقت الراهن، أستيقظ احيانا في الليل بفكرة وأسرع في انجازها”.
ويؤكد أنه رغم المخاطر، “أن تجد نفسك في دكتاتورية يعطيك شحنة أدرينالين الخوف تذكرني بعصر بن علي عندما كنا نلعب بالنار، وفي ذلك شيء من المتعة”.

#الشبح #الذي #يسكن #أقبية #القصر #الرئاسي #في #قرطاج

تابعوا Tunisactus على Google News

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد