- الإعلانات -

- الإعلانات -

تونس والتغيير المنشود | رأي ودراسات

يونس السيد

ما يحدث في تونس، من احتجاجات شعبية متجددة، على وقع الفقر والبطالة والضائقة الاقتصادية التي تمس شريحة واسعة من الفئات الشعبية المهمشة، والتي ضاعفت من محنتها تداعيات جائحة كورونا، يشي بإمكانية الدخول في أزمة مُرَكَّبَة على مختلف المستويات السياسية والاقتصادية والاجتماعية. بعد عشر سنوات على رحيل النظام السابق، في أولى ثورات ما يسمى «الربيع العربي»، والانتقال السلمي للسلطة، في إطار عملية ديمقراطية، لا يزال الجميع يتحدث عن أنها التجربة الوحيدة، من بين تلك «الثورات»، التي حققت نجاحاً نسبياً، من دون سفك الكثير من الدماء، أو تدمير البلاد. في هذه الذكرى العشرية ل«الثورة»، اكتشف التونسيون أن شيئاً كثيراً لم يتغير، وأنهم لا يزالون يبحثون عن ذواتهم، وأنهم، في نهاية المطاف، قد أسقطوا رأس النظام ليستبدلوه بديكتاتورية الغنوشي وحركة النهضة «الإخوانية»، التي لا همَّ لها سوى إحكام قبضتها على السلطة، غير عابئة لا بالفقراء، ولا بالعاطلين عن العمل، ولا بتوفير الخدمات، أو تحسين ظروف الحياة الاجتماعية، ولا حتى بمعالجة الأزمة الاقتصادية ومواجهة تداعيات جائحة كورونا.  وبالتالي، فإن الاحتجاجات التي عمت مختلف أنحاء البلاد، في الأيام الأخيرة، ليست سوى إرهاصات لانتفاضة شعبية جديدة، من أجل تصحيح المسار، والخلاص من ديكتاتورية النهضة «الإخوانية»، الآخذة في التغلغل داخل المؤسسات، والإمساك بمفاصل الدولة. هذا الواقع الذي يبدو واضحاً وضوح الشمس، يواكبه تحرك سياسي، يسعى لتكريسه في الحياة التونسية، سواء عبر عرقلة مبادرة الحوار الوطني التي طرحها الاتحاد التونسي للشغل، أو عبر التعديل الوزاري الواسع في حكومة المشيشي بدعم من «الإخوان»، لإحكام قبضتهم على السلطة، وإثارة الفتنة والصدام بين رئاستي الجمهورية والحكومة، باعتباره يلقى معارضة شديدة من الرئيس قيس سعيّد لعدم دستوريته من الناحية الإجرائية أولاً، حيث يُحَوِّل الحكومة من حكومة تكنوقراط إلى حكومة سياسية، بناء على رغبة القوى الداعمة، وفي مقدمتها حركة النهضة «الإخوانية»، ولأنه ثانياً يدخل في الحكومة مجموعة من الوزراء الفاسدين، وأصحاب المصالح، التي تصب في خدمة «الإخوان»، كما تؤكد الكتل البرلمانية الرافضة، ومعظم الأوساط السياسية التونسية. وكانت منظمة «أنا يقظ» غير الحكومية، قد طالبت نواب البرلمان بعدم منح الثقة لعدد من الوزراء المقترحين، ومن بينهم الهادي خيري (وزير الصحة المقترح)، وسفيان بن تونس (وزير الطاقة والمناجم)، ويوسف فنيرة (وزير التكوين المهني والتشغيل)، ويوسف الزواغي (وزير العدل). يضاف إلى ذلك، أن مثل هذا الإجراء، المرفوض شعبياً أيضاً، سيعيد إشعال الشارع المتوتر والملتهب، بعد أن هدأ في الأيام الأخيرة، بسبب إجراءات الحظر المفروضة على خلفية جائحة كورونا، حيث أنذرت عشرات المنظمات والنقابات والجمعيات التونسية، بإطلاق عجلة الاحتجاجات مجدداً، ليس فقط من أجل إحباط خطط «الإخوان»، وإنما سعياً لتغيير النظام برمته، خصوصاً وأن الكثير من المحتجين باتوا يرفعون شعار إسقاط النظام، ما يؤكد حقيقة أن تونس بعد عشر سنوات من «الثورة» لا تزال تبحث عن نفسها، سعياً لإحداث التغيير المنشود.[email protected]

المصدر

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد