- الإعلانات -

- الإعلانات -

جريدة المغرب | المبادلات التجارية التونسية الليبية وملف إعادة الإعمار: الدولة التونسية والقطاع الخاص وضرورة التدارك قبل فوات الأوان

صدرت أول أمس نشرية المعهد الوطني للإحصاء لتقدم مؤشرات احصائية عن الاشهر السبعة الاولى من سنة 2021، وقبلها بساعات

تناقلت وسائل الاعلام المصرية والليبية صورا لموكب توقيع اتفاقيات تجارية بين مصر وليبيا.

ويكمن الرابط بين الحدثين في التفاصيل فقد وقع في الصفحة الثامنة والأربعين من النشرية الشهرية لمعهد الاحصاء الخاصة بشهر جويلية لسنة 2021 تقديم مؤشرات عن التبادل التجاري بين تونس وليبيا، اذ سجل في الاشهر السبعة الممتدة من جانفي الى جويلية 2021 تبادل تجاري بقيمة لم تتجاوز 1.16 مليار دينار تونسي. تتوزع بين صادرات 1.069 مليار دينار تونسي وواردات قيمتها 90.2 مليون دينار تونسي.
في انتظار انتهاء السنة والإطلاع على حجم المبادلات التجارية البينية بين تونس وليبيا، يمكن القول بأن الارقام العامة لن تصل الى ما وقع تحقيقه في 2019 على الاقل حيث سجل حجم المبادلات التجارية 1.7 مليار دينار تونسي. وفق ما اعلنه مروان العباسي محافظ البنك المركزي في جانفي 2020.
ويقدر حجم المبادلات التونسية الليبية اليوم دون 400 مليون دولار واقل من 550 مليون دولار في 2019 أرقام ما زالت بعيدة عن الارقام التي سجلت في 2010، لكن الاهم انها بعيدة كليا عن الارقام التي تحققها مصر في علاقة بمبادلاتها الاقتصادية والتجارية مع ليبيا.
فمصر التي استقبلت واحتفت برئيس الحكومة الليبي هذا الاسبوع تسجل مؤشراتها تصاعد لافتا في علاقة بالمبادلات التجارية مع جاراتها الغربية ليبيا. اذ ان الصادرات المصرية إلى ليبيا ارتفعت إلى 825.3 مليون دولار خلال 2019، مقابل 635.9 مليون خلال 2018. أي انها ارتفعت الى قرابة 2.302 مليون دينار تونسي، وهو ضعف حجم الصادرات التونسية الى ليبيا في ذات السنة.
اليوم وبعد امضاء 14 اتفاقية تجارية ومذكرة تفاهم اقتصادية بين مصر وليبيا سيتضاعف حجم المبادلات التجارية بين البلدين في ظل توقعات اولية بان تتجاوز القيمة الاولية مليارات الدولارات.
هنا يصبح السؤال، كيف نجحت مصر في أن تحقق هذا التقدم المضطرد في علاقاتها الاقتصادية والتجارية مع ليبيا التي استأنفت معها هذه السنة عمل اللجنة المصرية الليبية المشتركة بعد ان علقت اشغالها خلال السنوات الـ 12 الماضية. أي منذ 2009. ولماذا فشلت تونس في تحقيق هذه القفزة ولم تستفد من ارتفاع الطلب في السوق الليبية على البضائع والمواد والخدمات؟
الاجابة هنا ليست بسيطة او جاهزة ولا احد بمفرده يتحمل مسؤولية هذا الفشل، اذ ان الجميع، دولة ومؤسساتها كما القطاع الخاص بكل مكوناته يتحملون مسؤولية عدم الاستفادة من ان ليبيا وطوال السنوات العشر الماضية استوردت سنويا من الخارج بضائع وسلعا وخدمات بقيمة 4.573 مليار اورو أي ما يعادل 24 مليارًا دينار ليبي وما قيمته 15.09 مليار دينار تونسي، تتجه اليوم الى مرحلة اعادة الاعمار التي قدّر وزيرها للشؤون الاقتصادية سلامة الغويل في مقابلة مع قناة الشرق الإخبارية أن قيمة التمويل المطلوب لإعادة إعمار ليبيا تبلغ 111 مليار دولار.
واليوم قد نتجه الى إهدار فرصة الاستفادة من اعادة اعمار ليبيا، وما يعنيه ذلك من امكانية ان نخسر السوق الليبية وان تتراجع مبادلاتنا التجارية معها اثر ذلك. وهو ما يعني ان تونس اليوم مطالبة بإعادة النظر في مقاربتها وانتهاج مقاربة مختلفة كليا لعلاقتها الثنائية مع ليبيا وان تتخلص من بعض أوهامها التي تشكلت لديها في فترة الحصار على ليبيا وما تبع ذلك من نمو كبير في المبادلات التجارية مع تونس التي باتت اليوم في منافسة شرسة مع دول عدة ترغب في افتكاك مكانها في السوق الليبية.
المقاربة الجديدة لتونس يجب ان يقع فيها التخلص بشكل كلي من الاعتقاد السائد بان نصيب تونس من السوق الليبي مؤمن ومحفوظ فقط بالاستناد لعمق العلاقات الاجتماعية بين تونس وليبيا أو للقواسم المشتركة بيننا او لتاريخ وطبيعة الروابط الثنائية.
فالسوق لا تحركها العواطف ولها قوانينها وأحكامها التي تستوجب من الدولة التونسية ومن نسيجها الاقتصادي والتجاري الخاص ان يرسم سياسته وفق هذه الاحكام التي تتضمن القدرة على الاستباق وحسن استغلال الفرص والامتيازات. أي ان ترسم الدولة التونسية سياسات عمومية تشجع القطاع الخاص على الدخول الى السوق الليبية والاستفادة من الفرص العديدة التي تمثلها.
تشجيع يتضمن تنقية المناخ السياسي بين البلدين وتنزيل لمضمون الاتفاق الذي اعنلته رئاسة الجمهورية في الاسبوع الفارط حينما التقى الرئيس قيس سيعد برئيس الحكومة الليبي وأصدر بيانا جاءت فيه اشارة الى ان هناك تفاهما على ان يكون لتونس دور في اعادة اعمار ليبيا.
هذا الدور هو ما يجب ان نحدده حتى وإن كان الوقت قد تأخر كثيرا، ولكن هناك هامش يمكن استغلاله ومساحات يمكن ان نتحرك فيها لتحقيق منفعة متبادلة بين تونس وليبيا، في ملف اعادة الاعمار الذي سيكون له انعكاس ايجابي على الاقتصاد التونسي ان احسنت الدولة التونسية وقطاعها الخاص الاستعداد لذلك والمخاطرة بالبحث عن فرص في ليبيا وتنويع الصادرات التونسية الى السوق الليبية.

#جريدة #المغرب #المبادلات #التجارية #التونسية #الليبية #وملف #إعادة #الإعمار #الدولة #التونسية #والقطاع #الخاص #وضرورة #التدارك #قبل #فوات #الأوان

تابعوا Tunisactus على Google News

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد