“درة” المتاحف التونسية مغلق بسبب أزمة مجلس النواب

يبدو أن إغلاق مجلس النواب في تونس تجاوز الارتدادات السياسية تاركاً أثره على الحياة الثقافية، فالقرار الاستثنائي الذي اتخذه الرئيس قيس سعيد تسبب مباشرة في غلق أبواب المتحف الوطني بباردو، المتحف الأعرق والأكبر في تونس، منذ 25 يوليو (تموز) الماضي، وذلك لأسباب سياسية وأمنية باعتبار أنه محاذ لمجلس نواب الشعب ويشترك معه في السياج الحديدي الخارجي.

وفي تصريح خاص قال مصدر مسؤول بوزارة الثقافة، بأن المتحف سيفتح أبوابه في الأيام القليلة المقبلة، مضيفاً أن غلقه جاء لأسباب أمنية بحتة بسبب جواره لمجلس نواب الشعب. 

أهم وجه ثقافي

إلا أن الباحث وعضو النقابة الأساسية لمحافظي التراث بالمعهد الوطني للتراث حمد الغضباني شكك في إمكانية فتح المتحف قريباً قائلاً في تصريح خاص، إن “وزارة الإشراف سبق أن صرحت بأنها ستقوم بفتحه منذ شهر نوفمبر (تشرين الثاني) إلا أنها حتى اليوم لم تف بوعدها”، بحسب تعبيره.

وفي السياق نفسه، أفاد الغضباني، أنهم قاموا بمراسلة السلطات من أجل إعادة فتح متحف باردو باعتباره المتحف الوطني الوحيد الذي بقي مفتوحاً بعد غلق المتحف الوطني في قرطاج منذ أربع سنوات، وأكد الغضباني أهمية المتحف من الجانب الثقافي والسياحي والعلمي، وقال، إن من “أبرز سلبيات غلق المتحف الأضرار المالية التي لحقت بوكالة التراث والتنمية الثقافية، إذ يعتبر متحف باردو المغذي الأبرز لمواردها المالية”.

وأضاف أن متحف باردو “المعبر رقم واحد عن المخزون التراثي والثقافي بتونس” قائلاً، “من المفترض أن يمثل هذا المتحف العريق والثري أهم وجه ثقافي للبلاد، لكن للأسف يتم غلقه”، داعياً إلى ضرورة فصل الثقافة عن السياسة وطالب بإعادة فتحه مع ضمان حراسة أمنية وإمكانية إغلاق المنافذ المشتركة مع مجلس النواب.

من جهة أخرى، شدد الغضباني على أهمية “دُرَّة” المتاحف التونسية على صعيد الترويج الثقافي الذي يلعبه، باعتباره وجهة سياحية مهمة بالعاصمة تونس. كما تكمن أهمية المتحف في التراث. ويرى الغضباني أنه مكان للدروس التطبيقية للطلبة والباحثين في مجال التاريخ والآثار.

ولم يُثر غلق متحف باردو حفيظة الباحثين في علم الآثار فقط، بل أيضاً أثار غضب عدد من معارضي قيس سعيد، فقدم الأمناء العامون لأحزاب التيار الديمقراطي والجمهوري والتكتل من أجل العمل والحريات وممثل عن الشخصيات الوطنية المستقلة عريضة إلى الرئيس الأول لمحكمة المحاسبات في إعلام بجرائم سوء تصرف في المال العام وتجاوز السلطة وسوء استعمال النفوذ ومخالفة التراتيب والإجراءات الإدارية، وذلك بسبب إغلاق عدة مؤسسات وطنية من بينها المتحف الوطني بباردو مع مواصلة صرف رواتب الموظفين.

إعادة كتابة التاريخ

ويعتبر متحف باردو الأعرق والأكبر بتونس، وجاءت تسمية المتحف على اسم مدينة باردو، ويوصف بـ”دُرة” المتاحف التونسية، وهو أحد المباني الفاخرة التي شيدت داخل أسوار الحي العسكري المحصن والذي مثل مركز الحكم الحسيني منذ سنة 1705، ويعتبر مجلس نواب الشعب أحد هذه المباني.

ويعيد المتحف الوطني بباردو كتابة جزء كبير من تاريخ البلاد من فترة ما قبل التاريخ إلى الفترة المعاصرة، وذلك عبر مجموعاته المختلفة. ويضم أكبر مجموعة للفسيفساء في العالم على غرار الفسيفساء الشهيرة التي تمثل الشاعر “ورجلوس”. ويمكن للزائر أن يكتشف داخله مجموعة مهمة من الحلي البونية، وكذلك التوابيت الرومانية وأحواض التنقية المعمودية المسيحية.

كما يضم المتحف، بحسب مصادر متطابقة، مختلف التعابير والشواهد الحسية للخلق الإبداعي بكل جهة من البلاد منذ 40 ألف سنة مثل “الهرميون” الغامض بـ”القطار” بالجنوب التونسي، والذي يعتبر أول معبد شيده الإنسان للتقرب للقوى السماوية العظمى.

وشهد متحف باردو واحدة من أكبر العمليات الإرهابية في البلاد في 18 مارس (آذار) من عام 2015، وخلف الهجوم آنذاك 22 قتيلاً من السياح أغلبهم من البريطانيين، و45 جريحاً، وتم احتجاز حوالى 200 سائح. كما خلف الهجوم انتكاسة في مجال السياحة في تونس استمرت سنوات.

ولتخليد ذكرى القتلى تم تدشين نصب تذكاري في شكل لوحة فسيفسائية تحمل أسماء الضحايا الـ22 في مدخل المتحف من قبل قادة العالم المشاركين في المسيرة التي نظمت بالعاصمة تونس بعد هذه العملية تنديداً بالإرهاب.

#درة #المتاحف #التونسية #مغلق #بسبب #أزمة #مجلس #النواب

تابعوا Tunisactus على Google News
[ad_1]

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد