فاكهة التنين الآسيوية تتحدى الأرض والمناخ برعاية فلاح تونسي

المتجول في ضيعة المزارع التونسي محمد بن ضو قد يتخيل نفسه في واحدة من المناطق الآسيوية، فأشجار “التنين” المتشابكة تضفي على المكان سحراً خلاباً، حيث الموطن الأصلي لتلك الفاكهة هي غابات جنوب آسيا وأميركا اللاتينية، وهي ثمار حمراء اللون، لبها أبيض أو أحمر، وأحياناً أرغواني، تتوسطها حبات سوداء تشبه فاكهة “الكيوي”.

بابتسامة المزهو بزرعته المتحدية لضوابط الجغرافيا والمناخ، استقبلنا الفلاح محمد بن ضو في ضيعته بمنطقة جبل الرصاص من معتمدية مرناق في الضاحية الجنوبية للعاصمة التابعة لمحافظة بن عروس (تونس الكبرى)، وتضم مئات من أشجار “التنين”، وهي نباتات متسلقة على أعمدة تتشابك أغصانها مع بعضها بعضاً، ولا تحمل الآن ثماراً، عدا بعض الحبات باعتبار انتهاء موسم جني هذه الفاكهة في أواخر شهر ديسمبر (كانون الأول).

أول الحلم

قال محمد بن ضو لـ”اندبندنت عربية”، إن “المغامرة تعود إلى عام 2015، عندما راودتني فكرة تجربة زراعة هذه الفاكهة الغريبة التي اكتشفتها على الإنترنت، وبدأت المغامرة مع دراسة المناخ والتربة وإمكانية نجاح زراعتها في تونس إلى أن تمكنت من جلب الشتلات من فرنسا وانطلقت التجربة”.

ويضيف أن “زهرات هذه الشجرة الاستوائية تتفتح ليلاً، وتثمر مع بداية فصل الصيف، معلنة انطلاق موسم قطف التنين الذي يتواصل من يوليو (تموز) إلى ديسمبر (كانون الأول) من كل سنة”.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ويؤكد بن ضو أن “فاكهة التنين صديقة للبيئة، وتتلاءم والوضعية المناخية في تونس، بخاصة في ظل شح المياه، علاوة على أنها مورد مهم للعملة الصعبة بينما تعاني المالية العمومية من صعوبات منذ سنوات”.

و”التنين” هو من صنف الصباريات يمتص الماء من الهواء، ويتماشى مع التغيرات المناخية وهو صديق للبيئة، ويمكنه أن يتماشى مع درجة ملوحة عالية لأنه يمتص ملوحة الأرض.

وعن كيفية تغلبه على عقبة الصقيع الليلي المعروف بـ”الجليد” في تونس، اعتمد بن ضو “على غرسها داخل بيوت مكيفة، تتأقلم مع المناخ الذي تنمو فيه النبتة، مغطاة بشباك تحميها من أشعة الشمس القوية، لا سيما أنها لا تتحمل الأشعة المباشرة”.

 

هي من صنف الصباريات وتتكيف مع التغيرات المناخية (اندبندنت عربية)

 

ويضيف أن “الفلاح في تونس يواجه صعوبات كبيرة في الفلاحة الكلاسيكية، التي باتت تتطلب كميات كبيرة من المياه والأسمدة في ظل ارتفاع أسعارها”، داعياً الدولة إلى “تبني فكرة زراعة أشجار التنين في مختلف جهات الجمهورية لتنامي الطلب على هذه الفاكهة بسبب فوائدها الصحية، وأيضاً لسعرها المرتفع، وللطلب الأوروبي المتزايد”.

ويأمل في أن تصبح تونس المصدر الأول للاتحاد الأوروبي من هذه الفاكهة، لافتاً إلى أن “دول الاتحاد تستوردها أميركا اللاتينية وشرق آسيا بكلفة نقل عالية”.

ويعتبر محمد بن ضو أن “المناخ التونسي ملائم جداً لهذه الفاكهة، ويمكن لتونس أن تكون علامة مميزة لإنتاج وتصدير فاكهة التنين، لتحصيل العملة الصعبة”.

وفي مبادرة منه لنشر هذه الزراعة يوفر محمد بن ضو تكويناً مجانياً لمن يرغب في ذلك، وأسهم في نشر زراعة هذه الفاكهة في عدد من ولايات الجمهورية التونسية.

فوائد صحية

أثبتت الدراسات العلمية أن لفاكهة “التنين” فوائد صحية باعتبارها غنية بالمعادن وتوفر التوازن في بكتيريا الأمعاء كما تقوم بتعديل درجة السكر في الدم، وهي أيضاً مقاومة لهشاشة العظام.

وتنتج شجرة التنين في السنة الأولى من زراعتها نحو 6 حبات، وفي السنة الثالثة تعطي إنتاجا كاملاً يصل إلى 30 كيلوغراماً على دفعات متتالية، وتتلاءم هذه الفاكهة مع الزراعة المكثفة، حيث يحتمل الهكتار الواحد 6 آلاف شجرة.

 

“البابايا” أيضاً شجرة استوائية لا تتطلب عناية كبيرة (اندبندنت عربية)​​​​​​​

 

وعن مستقبل زراعة “التنين” في تونس، يرى بن ضو أن “هذه الزراعة بدأت بالانتشار شيئاً فشيئاً خلال السنوات الأخيرة، إذ إن كثراً اقتنعوا بها وأصبحوا يشترون منه الشتلات لزراعتها والاستثمار فيها”.

ولأشجار “البابايا” بدورها قصة أخرى مع المزارع محمد بن ضو، وهي غلة استوائية لا تتطلب عناية كبيرة، ولها فوائد صحية كبيرة ويمكن للشجرة الواحدة أن توفر في السنة 100 حبة.

ويزرع محمد ضو شتلات عدة من شجرة “البابايا” الآسيوية، يراوح طول الواحدة ما بين متر ونصف المتر، ويصل إلى 3 أمتار وتتلاءم مع المناخ التونسي.

أما تجربة زراعة “الأفوكادو” فلم تنجح، إذ يوضح بن ضو أن “زراعته صعبة في تونس، لأنه يتطلب 5 سنوات ليثمر، ويستنزف المائدة المائية، ولا يتماشى مع المناخ في تونس، على رغم أن سعره مرتفع والطلب عليه متزايد”.

تهديد التربة

في المقابل، يرى المتخصص في البيئة والتنمية المستدامة عادل الهنتاتي، في تصريح خاص، أن “زراعة الغلال الآسيوية في تونس قد تهدد التركيبة الجينية للتربة المتلائمة مع المناخ التونسي”، معتبراً في الوقت ذاته أن “تنويع الزراعات من شأنه أن يثمن الأنشطة الزراعية”.

ودعاً إلى تطوير البحوث العلمية من أجل رفع إنتاجية الحبوب والغلال لتوفير الأمن الغذائي والعمل على المحافظة على التربة وعدم استنزاف المائدة المائية في نباتات وغلال تستهلك كميات كبيرة من المياه.

ولا ينكر الهنتاتي أهمية “الاستثمار في زراعات مستحدثة وجديدة على تونس، في ظل التغيرات المناخية”، معتبراً ذلك “صورة من صور تثمين الاقتصاد الزراعي من أجل تطوير الموارد من العملة الصعبة”، ومحذراً في الآن نفسه من “الاستثمار في نباتات وغلال تستنزف المائدة المائية في ظل ندرة المياه”.

#فاكهة #التنين #الآسيوية #تتحدى #الأرض #والمناخ #برعاية #فلاح #تونسي
تابعوا Tunisactus على Google News
[ad_1]

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد