قيادي نهضاوي سابق يكشف عن مؤامرات الغنوشي ويدعوه إلى الخروج من الحياة السياسية | خالد هدوي

تونس- كشف قيادي سابق في حركة النهضة عن جملة من التجاوزات ارتكبها رئيس الحركة والبرلمان المجمد راشد الغنوشي، عكرت صفو العلاقات السياسية بين مكونات السلطة وعمقت خلافاتها، فضلا عن استفراده بصنع القرارات التي فجّرت الحزب من الداخل، وسط دعوات متتالية لخروجه من الحياة السياسية.

ودعا القيادي المجمدة عضويته في حركة النهضة عماد الحمامي، راشد الغنوشي إلى الاستقالة من الحركة ومن رئاسة البرلمان دون شروط، كما طالبه بمغادرة الحياة السياسية وترْك البلاد لتتقدم بعيدا عنه.

وبشأن مسار الخامس والعشرين من يوليو أكد الحمامي أنه اختار الاصطفاف مع الشعب عكس خيارات حركة النهضة التي اعتبر أنها ابتعدت عن قيمها.

محمد ذويب: النهضة كانت تعتقد أن قيس سعيد سيكون لعبة في يدها

كما وصف الحمامي، في تصريح لقناة تلفزيونية خاصة، القانون عدد 38 المتعلّق بالانتدابات الاستثنائية لمن طالت بطالتهم أكثر من عشر سنوات بالقانون العبثي، معتبرا أن الرئيس قيس سعيد مُحق في عدم تطبيقه لأنه حان وقت مصارحة العاطلين عن العمل ورفع المهزلة والمرور إلى الجمهورية الثالثة والإعلان عن أن الدولة لا يمكنها توظيف هؤلاء العاطلين عن العمل.

ويرى مراقبون أن الغنوشي ارتكب عدة تجاوزات ساهمت في تكوين مشهد سياسي تحكمه الخلافات والمناكفات بين مكونات السلطة، وعمّق مستويات القطيعة مع مؤسسة رئاسة الجمهورية، فضلا عن التحكم في المشهد البرلماني وإسقاط الحكومات وإقامة التحالفات التي تخدم مصالح النهضة بدرجة أولى.

وقال المحلل السياسي محمد ذويب “في حقيقة الأمر كلام عماد الحمامي هو أول اعتراف من داخل حركة النهضة بتورط الغنوشي في تجاوز صلاحياته وفي إسقاط حكومة إلياس الفخفاخ، ولكن هذا الكلام قد ذكره العديد من الملاحظين والمحللين السياسيين منذ مدة طويلة”.

 وأضاف، لـ“العرب”، “النهضة كانت تعتقد أن قيس سعيد سيكون لعبة في يدها مثل الرئيس الأسبق المنصف المرزوقي أو رئيسا يقبل توافقات بشروطها على غرار الباجي قايد السبسي (الرئيس الراحل)، لذلك فإن وقوف قيس سعيد في وجه حركة النهضة منذ بداية 2020 قد أقلقها، ولهذا بادر راشد الغنوشي بالهجوم على قيس سعيّد وعلى صلاحياته في محاولة لعزله، ثم سعت حركة النهضة لعزل حكومة الفخفاخ لأنها شرعت في فتح عدة ملفات والقيام بعدة إصلاحات ومعاقبة بعض رموز الفساد”.

ولفت محمد ذويب إلى أن “سعي وزير التجارة آنذاك محمد المسليني لمقاومة التوريد العشوائي وخاصة السلع التركية أقلق حركة النهضة، وتطرق حكومة الفخفاخ إلى هذه الملفات وغيرها جعل النهضة تتحدث في البداية عن توزيع الحزام السياسي وإقحام قلب تونس في الحكومة، ولما رفض الفخفاخ ذلك سعت للإطاحة به بالاشتراك مع قلب تونس وائتلاف الكرامة وهو ما نجحوا فيه”.

وأردف “طبعا الغنوشي كان هو المتحكم الرئيسي في المشهد السياسي وهو الذي يقوم بتقسيم الأدوار، ولكن قدوم قيس سعيد إلى قصر قرطاج قزّم دور النهضة وهدد مصالحها، وهو ما أدخلها في لعبة لي ذراع مع الرئيس حسمها هذا الأخير بإجراءات الخامس والعشرين من يوليو”.

رباب بن لطيف: بعض القرارات كانت تطبخ في الكواليس وتنسب إلى الحركة

واستطرد “كلام الحمامي يعكس أزمة عميقة داخل النهضة بين شق يريد التخلص من الغنوشي وبناء الحركة بشكل جديد وشق موال للغنوشي يريد المزيد من السير في
ركابه”.

وحمّلت قيادات كانت تنتمي إلى النهضة راشد الغنوشي مسؤولية الفشل في إدارة الشأن السياسي، معتبرة أنه كرس الفردانية في الحكم واتخاذ القرارات داخل الحركة وفجّر الخلافات بين قياداتها، وهو ما ساهم في انشقاق هذه القيادات وتصدع الحركة، علاوة على كونه ارتكب عدة أخطاء باسم الممارسة الديمقراطية.

وقالت رباب بن لطيف، القيادية السابقة في النهضة، “لم تكن هناك ممارسة ديمقراطية داخل الحركة، لأن بعض القرارات كانت تطبخ في الكواليس ويُروَّج أنها اتُّخذت خلال نقاشات مجلس الشورى”.

وأضافت، لـ“العرب”، “حركة النهضة لم تتعامل مع المتغيرات السياسية كما يجب. ونحن، المستقيلين من الحركة، استنفدنا كل مبادرات الإصلاح وراسلنا الغنوشي عدة مرات من أجل أن يغيّر القيادات الحالية وتركيبة مجلس الشورى وعدم الاستفراد بالرأي”.

وتابعت ”بعض القيادات الحزبية، أو ما يعرف بالشق الموالي للغنوشي، هي التي استفردت بالرأي وتسير بالحركة في مسارات خاطئة، استنكرنا هذا الأسلوب عدة مرات وليس هناك من يصغي“.

ودعت بن لطيف “قيادات الحركة إلى ترجيح مصلحة الحزب في المؤتمر القادم الذي ربما سيكون حاسما من أجل مستقبل الغنوشي في الحياة السياسية”.

وكان 113 قياديا في النهضة، من بينهم قيادات مركزية وجهوية وأعضاء في مجلس الشورى وأعضاء في البرلمان المجمد، قد تقدموا باستقالة جماعية من الحركة في موفّى سبتمبر الماضي احتجاجا على ما وصفوه بـ“الإخفاق في معركة الإصلاح الداخلي للحزب”.

الغنوشي ارتكب عدة تجاوزات ساهمت في تكوين مشهد سياسي تحكمه الخلافات والمناكفات بين مكونات السلطة، وعمّق مستويات القطيعة مع مؤسسة رئاسة الجمهورية

والخلافات داخل النهضة ليست وليدة اللحظة؛ فقد تفاقمت وخرجت إلى العلن أساسا العام الحالي بسبب توجه الغنوشي إلى تأجيل مؤتمر الحزب الحادي عشر مرة أخرى، في مناورة منه تستهدف البقاء على رأس الحركة، وهو ما ترفضه بشدة قيادات أخرى بارزة على غرار وزير الصحة السابق عبداللطيف المكي الذي غادر الحركة مؤخرا.

وعرفت حركة النهضة منذ الخامس والعشرين من يوليو الماضي، وهو التاريخ الذي جمد فيه الرئيس قيس سعيد أعمال واختصاصات المجلس النيابي وأقال الحكومة ورفع الحصانة البرلمانية عن النواب، نزيفا من الاستقالات بسبب إخفاق الحركة في إدارة الشأن العام في البلاد.

ووضعت تلك الإجراءات الحركة بعيدا عن دوائر الحكم للمرة الأولى منذ ثورة الرابع عشر من يناير، وهو ما زاد الخلافات داخلها حدةً لاسيما أنها باتت تعيش عزلة خارجية متفاقمة.

#قيادي #نهضاوي #سابق #يكشف #عن #مؤامرات #الغنوشي #ويدعوه #إلى #الخروج #من #الحياة #السياسية #خالد #هدوي

تابعوا Tunisactus على Google News
[ad_1]

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد