معتصم أبو الحسن.. من دفاتر المحاسبة إلى خشبة المسرح

نابلس – خـــاص صفا

بعد سبع سنوات من العمل المضني، بدأ الفنان معتصم أبو الحسن بقطف ثمار تعبه بحصده جائزة أفضل ممثل بمهرجان بغداد لمسرح الشارع الذي أقيم قبل أسابيع.

وفاز أبو الحسن بهذه الجائزة عن دوره بمسرحية “الفيل” من إنتاج مسرح الحرية، وهي مستوحاة من رواية “الفيل يا ملك الزمان” للكاتب سعد الله ونوس.

والمسرحية من كتابة شذى يونس وإخراج أحمد طوباسي الذي فاز بجائزة أفضل مخرج بمهرجان مسرح الشارع.

وجاءت مشاركة المسرحية بالمهرجان بترشيح من المجلس الأعلى للشباب والرياضة، والمهرجان هو أحد فعاليات بغداد عاصمة الشباب العربي، وأول مهرجان لمسرح الشارع على مستوى الوطن العربي.

وتركت مشاركة مسرح الحرية بهذا المهرجان بصمة فيه، إذ تتناول المسرحية الحالة السياسية والاقتصادية والنفسية للمجتمع الفلسطيني أثناء جائحة كورونا، وكان العرض ملائما لأساسيات مسرح الشارع.

وأنتجت هذه المسرحية بداية عام 2021 وعرضت في غالبية مدن الضفة، وسيكون لها جولة ثانية قريبًا.

وهذا هو أول عرض للمسرحية في مهرجانات خارجية، وهي المشاركة الخارجية الخامسة للفنان الشاب الذي يشغل منصب المدير الفني لفرقة رسائل للفن المسرحي التابعة لجمعية زهرة الشمال للثقافة والفنون بنابلس.

من المحاسبة إلى الفن

مسيرة أبو الحسن الفنية بدأ بالصدفة وهو في سنته الجامعية الثانية عام 2014 إذ كان يدرس المحاسبة، لكن الأقدار ساقته للتعرف على فرقة مسرح جامعة النجاح، لتبدأ معها رحلة التحول من الحسابات والأرقام إلى عالم المسرح والفن.

وقال لوكالة “صفا”: “بعام 2014 بدأت نشاطي الفعلي بالمسرح، من خلال أحد أعضاء مسرح الجامعة نور دولة الذي أطلعني على الفرقة وعرض عليّ الانضمام لها”.

وشارك من خلال مسرح الجامعة بمهرجان فيلادلفيا الجامعي في عمان، وحصدت الفرقة جائزة أفضل ممثل وأفضل إخراج.

ويضيف: “كانت لمشاركتي الأولى خارج فلسطين أثرها في التحول كليا من المحاسبة والعمل بشهادتي إلى التعمق أكثر في الفن والمسرح، وبعد أن تخرجنا أنشأنا فرقة رسائل، والتي بدأت كفرقة هواة والآن باتت فرقة احترافية”.

توالت الانجازات لفرقة رسائل التي تأسست في 2016 وشاركت عام 2017 بمهرجان وجدة بالمغرب بمسرحية “على شفا حفرة”، وحصلت على جائزة أفضل سينوغرافيا.

وفي نهاية 2017 قامت بجولة عروض لنفس المسرحية على هامش مهرجان لبنان الدولي للمسرح في مدينة صور.

وفي 2018 شاركت بمهرجان طنجة للمسرح الجامعي الدولي، مع جامعة النجاح، وحصدت جائزة أفضل عرض يجسد حقوق الإنسان.

وشاركت بمهرجان قرطاج الدولي للمسرح في تونس عامي 2018 و2021.

من الهواية إلى الاحتراف

واستمر أبو الحسن بالعمل بهذا المجال من 2015-2019 وواجه الكثير من الصعوبات لكونه لم يدرس هذا المجال، وكان بالنسبة له مجرد هواية.

ويضيف: “كنت أشارك بورش عمل وأقرا أكثر وأتعلم ذاتيا في البداية، وعملت بين 3-4 مسرحيات بنابلس ورام الله وجنين في مسرح القصبة ومسرح الحرية وفرقة رسائل”.

في 2019 بدأ دراسته الأكاديمية في التمثيل والفنون الأدائية بمسرح الحرية، وفي نفس الوقت استمر بتقديم العروض المسرحية والأفلام السينمائية والأعمال التلفزيونية، وبعد تخرجه بدبلوم عالٍ عمل مديرا فنيا لفرقة رسائل.

وإلى جانب ذلك، يعمل أبو الحسن مهرّجا طبيا مع مؤسسة الأنوف الحمراء الدولية، ويقوم بزيارات إلى ملاجئ العجزة وأقسام الأطفال بالمستشفيات.

ويقول: “لا زلت طالبا بمدرسة الكوميديا الدولية في فيينا، وهناك منهاج كامل عن الكوميديا العلاجية والتهريج الطبي”.

كما يعمل مدرب سيرك للأطفال، بعد أن خضع لورشات تدريب مدربين بمدرسة سيرك فلسطين في بيرزيت.

انتقال صعب

ولم يكن الانتقال من المحاسبة إلى التمثيل المسرحي سهلا، وواجه أبو الحسن صعوبات وانتقادات جمة.

ويقول: “بالبداية واجهت صعوبات ناتجة عن قلة الجمهور المسرحي، وكنا نخشى من العمل المسرحي وتقديمه لأن ثقافة المسرح كأداة للتغيير والترفيه غير موجودة”.

كما أن الفرص بهذا المجال قليلة جدا، وهذا يحتاج إلى جهد مضاعف لإيجاد فرصة عمل مسرحي والتعلق بها، فلا يوجد صناعة للمسرح أو مكاتب تجارب الأداء أو صناعة السينما، وما هو متوفر هو بجهود فردية.

وواجه بالبداية صعوبة في تقبل الناس لطبيعة عملهم كممثلين مسرحيين، قبل أن يتمكنوا من بناء قاعدة جماهيرية لفرقة رسائل، وتستضيف عروضا من خارج نابلس.

كما أن الدائرة المحيطة من الأهل والأصدقاء المقربين أبدوا استهجانا لتوجهه، وكانوا يحثونه على العمل بشهادته الجامعية.

لكن التجارب التي خاضها ساعدته في تقوية خبرته، وطمأنت عائلته بأنه يعرف ما يفعل.

ويؤمن أبو الحسن أن الفن والمسرح أداة للتغيير وجزء من المقاومة الثقافية ضد الاحتلال.

ويقول: “إيماني المطلق بالمقاومة الثقافية وثقافة المقاومة ونوعية الأعمال التي قدمتها كانت جزءا من هذه الرؤية، مما كان عاملاً مساعدًا لإقناع المحيطين وتغيير رأيهم”.

طموحات كثيرة

ويعتبر أبو الحسن هذه الجائزة بداية لإنجازات قادمة وليست نهاية المطاف.

ويقول: “طموحي أن يكون هناك ثقافة مسرحية في نابلس وأن يكون هناك مسرح لعرض الأعمال التي نعرضها في مدن ودول أخرى، وأريد أن تتشكل في نابلس هذه الثقافة”.

وأشار إلى أنه يعمل في فرقة رسائل على افتتاح خطي إنتاج للمسرح وللسينما، وسبق أن أنتجوا فيلمين قصيرين السنة الماضية وهناك فيلم ثالث قريبًا، ويتم نشرهم على وسائل التواصل الاجتماعي.

ووجه رسالة للفنانين تمنى عليهم أن يفهموا خصوصية الفن الفلسطيني للارتقاء بالأعمال الفنية التي يقدمونها للجمهور المسرحي.

وختم قائلا: “يجب أن نكون قادرين على انتقاء المواضيع التي يحتاج مجتمعنا للعمل عليها، فليس كل المواضيع تصلح للعمل، فنحن تحت احتلال وقضايا الأسرى والشهداء والمقاومين مقدسة”.

أ ك/غ ك

#معتصم #أبو #الحسن #من #دفاتر #المحاسبة #إلى #خشبة #المسرح

تابعوا Tunisactus على Google News
[ad_1]

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد