- الإعلانات -

- الإعلانات -

نجونا من الحرب ليقتلنا برد أوروبا.. طالبو لجوء يستغيثون في بروكسيل!

بعضهم وجد نفسه مشرداً في شوارع بروكسيل الرئيسية، لا يحميه من درجات الحرارة المتدنية إلى ما تحت الصفر سوى خيام بلاستيكية، وآخرون وجدوا لأنفسهم مكانا في بنايات مهجورة استوطنوها، لا توفر لهم الحد الأدنى من أساسيات حياة الإنسان. مهاجرون وطالبو لجوء في العاصمة البلجيكية مصدومون من وضعهم في قلب القارة العجوز!

 “نجوت من الموت في الحرب وأتيت للموت في البرد” هكذا لخص خاطر وضعيته الحالية، بعد اتخاذه قرار مغادرة ليبيا نحو أوروبا مروراً بمالطا وصولا إلى بروكسيل، طلبا للجوء وسعيا لحياة أكثر أمانا واستقرارا. شاب عشريني يتحدث اللغتين العربية والإنجليزية بطلاقة، بفضل مسار دراسي ومهني ناجح في مجال الاقتصاد والأبناك، لم توقفه إلا الحرب الأهلية.في مبنى Le Plais المهجور وسط العاصمة البلجيكية بروكسيل، يقطن خاطر رفقة ما يناهز الألف شخص في ظروف مزرية منذ ما يزيد عن الشهر ونصف. المبنى لا يتوفر على ماء ولا كهرباء إلا نادرا، ولا غاز للتدفئة في ظل الطقس البارد خلال شتاء أوروبا القارس.القاطنون في المبنى شباب وبعض القاصرين من مختلف البلدان التي تشهد أزمات وحروب، مثل سوريا وفلسطين وليبيا والسودان وإيريتيريا وأفغانستان وبلدان شمال إفريقيا كالمغرب والجزائر وتونس إضافة للقادمين من بلدان إفريقيا جنوب الصحراء. منهم من أتى بمفرده، ومنهم من اضطر للافتراق عن أسرته، بفضل تخصيص المأوى الذي توفره السلطات البلجيكية للنساء والأطفال والفئات الضعيفة مثل المعاقين، ليعيش الرجال في مباني عشوائية مهجورة يسود فيها حكم الغاب أو في شوارع بروكسيل.خاطر، شاب ليبي، قدم إلى بروكسيل طالبا للجوء أملا في حياة أفضل. الصورة: مهاجر نيوزتفشي الأمراض وقلة الأمان!يشتكي خاطر “تفشي الاتجار بالمخدرات والاعتداءات والسرقة داخل المبنى وانعدام الأمن فيه في ظل امتناع الشرطة عن التدخل مهما استنجدنا بهم”، حسب قوله. كما أن النظافة منعدمة بالمكان تماما، خارجه وداخله حسب ما عاينه فريق مهاجر نيوز. فالأزبال متراكمة في ممراته وحماماته، وأيضا في ساحته ومدخله بشكل يوضح أنه لم يتم إزالتها منذ أسابيع.دون مساعدات الصليب الأحمر وزيارات قليلة لمنظمات غير حكومية تجلب خلالها طعاما وملابس وأفرشة للقاطنين في المبنى، يصعب على طالبي اللجوء والمهاجرين غير النظاميين في بروكسيل توفير قوت اليوم وأساسيات الحياة، فالعمل دون التوفر على الأوراق الرسمية وبطاقة إقامة قانونية، يعني الاستغلال فقط حسب ما يحكيه سكان المبنى.”إذا استمر الوضع على هذا الحال، سأتراجع عن قرار اللجوء في أي لحظة”، يقول خاطر. “الوضع في أوروبا وبلجيكا على وجه الخصوص صار صعباً للغاية على طالبي اللجوء، لا أنصح أي شخص بالقدوم إلى هنا، أو على الأقل التفكير مليا في مكان غير أوروبا إن كانت حياته في خطر كبير”، حسب الشاب الليبي.إضافة إلى كل ما ذكره من تحدثوا لمهاجر نيوز من مخاطر يعانون منها في ظل عيشهم حالة التشرد هذه، أكد أعضاء منظمة ساموسوسيال بروكسيل الذين التقى معهم طاقم مهاجر نيوز، أن المبنى يشهد تفشي أمراض معدية خطيرة بين سكانه، مثل الجرب والدفتيريا والسل إضافة لمعاناتهم من الصدمات النفسية بسبب ما عاشوه خلال طريق اللجوء من مآسي ومخاطر أو في بلدهم أو حتى بعد وصولهم.مدخل مبنى Le Palais المهجور في وسط العاصمة بروكسيل، حيث يقيم ما يناهز1000 شخص من طالبي اللجوء والمهاجرين. الصورة: مهاجر نيوزوضعيتي في بروكسيل كانت أكبر صدمة!سعد شاب فلسطيني وكل محاميا ليترافع بشأن طلب لجوئه ببلجيكا فور وصوله، وهو واحد من سكان مبنى Le Palais العشوائي منذ أشهر، يؤكد أنه لم يحدث أي تغيير في وضعيته إلى الآن على مستوى المعاملات والقرارات الإدارية، وأنه لم يتلق بعد أي مساعدات من السلطات حتى في العثور على سكن لائق.وعن حياته منذ الوصول إلى بلجيكا والتقدم بطلب اللجوء، يحكي سعد أنه قبل العثور على مكان له داخل هذا المبنى المهجور، كان يقيم في الخيام البلاستيكية في شوارع العاصمة البلجيكية لفترة من الزمن. ومنذ ذلك الحين، كان “الصليب الأحمر هو من يوفر لنا الطعام يوميا، والعلاج وجلسات الدعم النفسي أيضا، وأحيانا تزورنا بعض المنظمات الإنسانية، غير ذلك ليس لنا أي منافذ لنوفر قوتنا بأنفسنا، ولم نتوصل بأي مساعدات مادية أبدا من طرف السلطات”.خيام لطالبي اللجوء الأفغان في وسط العاصمة بروكسيل. الصورة: مهاجر نيوزصحيح أن المبنى في حالة يرثى لها، لكنه حسب ما عاينه فريق مهاجر نيوز، يوفر دفئا أكبر مما توفره الخيام البلاستيكية المتواجدة في شوارع بروكسيل غير البعيدة عن المبنى. فوق جسر قريب، عاينا وجود ما يفوق عشرين خيمة، كل قاطنيها من طالبي اللجوء الأفغان، جميعهم رجال بالغين.وقد أكد لنا سعد، أنه لا وجود للنساء والأطفال في المبنى فعلا، لأنهم يحظون بعناية ويتم توفير أماكن السكن لهم أولا في المخيمات، “لكن الشباب وبعض القاصرين يبقون عرضة لحياة الشارع”. وعن وضعه الحالي قال سعد “طلبت اللجوء في بلجيكا لأنها الأسهل للفلسطينيين لحصول على الإقامة، ولم أتوقع نهائيا أن يكون الوضع هكذا، توقعت أن يكون أفضل من هذا بكثير. أنا مصدوم، هذا الوضع أسوء من وضعي في بلدي، لأني على الأقل لم أكن مرميا في الشارع”.ندم جماعي بعد تحول الحلم الأوروبي إلى كابوس!ليس خاطر وسعد فقط من صرحا لنا بندمهم على شد رحالهما نحو أوروبا طلبا للجوء، بل مجموعة كبيرة من المهاجرين واللاجئين الآخرين المتواجدين في العاصمة البلجيكية، ومن بينهم أحمد، طالب لجوء آخر من فلسطين، يقطن بنفس المبنى.سعد، طالب لجوء فلسطيني، يعيش في مبنى Le palais، وسط العاصمة البلجيكية. الصورة: مهاجر نيوزقبل الوصول إلى بلجيكا، عاش سنة كاملة في ألمانيا لكنه لم يتمكن من تسوية وضعه القانوني حسب ما يحكيه لمهاجر نيوز، ليقرر منذ خمسة أشهر القدوم إلى بلجيكا. يقول “بمجرد أن يصل أي لاجئ فلسطيني إلى بلجيكا سيتحول حلمه بحياة وردية وعيش كريم إلى كابوس. سمعت قصص من سبقوني إلى هنا، هناك أشخاص أمضوا ثلاث إلى خمس سنوات دون أن يحصلوا على إقامة. لا أتوفر على سكن ولا أكل، حتى العلاج الذي أنا في حاجة ماسة إليه غير ممكن”.أحمد غادر غزة نحو مصر أولا، ومن هناك إلى تركيا حيث أقام ثلاث أشهر، وبعد ذلك “قررت أن أذهب إلى اليونان عن طريق البحر، هذه كانت أصعب مرحلة، رأيت الموت هناك، وبعد أن سلمت منها، تعرضت للضرب على يد حرس الحدود اليوناني وأصبت في ظهري، وأنا الآن في حاجة للعلاج”.”لم أتوقع في حياتي أن يكون اللجوء بهذه الصعوبة، صحيح أن حياتنا في بلدنا كانت صعبة، لكن عندما رأيت ما يجري في أوروبا ندمت ندماً شديداً على قرار اللجوء، هنا لا يوجد أمان”، يختتم أحمد.ساموسوسيال.. لا وجود لحل سحري!الجانب الحكومي في بروكسيل عبر أكثر من مرة على أن الأزمة صارت سديدة، وهو ما تؤكده إيناس لاكونا، متحدثة باسم المنظمة الحكومية ساموسوسيال بروكسيل، إذ قالت “هناك الكثير من طالبي اللجوء الذين يتوافدون يوميا على أوروبا وبلجيكا بالخصوص، نحن نحاول أن نساعد قدر الإمكان خاصة الأشخاص الذين يعيشون في الشارع، لكن الأزمة صارت أكبر من قدرات البلد”.وأكدت المتحدثة أن الحكومة و”فيدازيل” وكل المنظمات والجمعيات تحاول قدر الإمكان المساعدة على توفير شروط حياة كريمة للوافدين والمشردين عموما داخل البلاد، لكن الأعداد صارت فوق ما تتحمله الطاقة الاستيعابية، وليست هناك إمكانيات كافية لافتتاح أماكن جديدة للإيواء حالياً.إيناس لاكونا، متحدثة باسم المنظمة الحكومية ساموسوسيال بروكسيل. الصورة: مهاجر نيوز”هناك مراكز خاصة تابعة لنا في بروكسيل، توفر لهم السكن والأكل والملابس والحمامات، وأشخاص يرافقونهم لأجل مساعدتهم على إتمام الخطوات الإدارية للحصول على اللجوء، وأيضا المساعدة القانونية والاجتماعية، وعلى إيجاد عمل قار، ونوفر دروس تعليم اللغة وغيرها مما يحتاجه الوافدون الجدد على البلد من مساعدات”، لكن هذا لم يعد كافيا حسب المتحدثة.وشددت إيناس على أن “تواجد طالبي اللجوء وغيرهم من المشردين في الشارع يجعلهم يعيشون في ظروف غير إنسانية، وحتى هذه البنايات المهجورة لا توفر لهم الأمان وأساسيات الحياة، لكن ليست هناك حلول سحرية لاستيعاب كل الوافدين يوميا، لكن الأكيد أن كل ما هو متوفر يتم الاعتماد عليه لتجاوز هذه الأزمة الإنسانية، فما يحصل في شوارع بلدنا محزن للغاية”.وفي ردها على بعض الإشاعات المتداولة بين المهاجرين وطالبي اللجوء حاليا، القائلة بأن ما يحصل استراتيجية لوقف الهجرة نحو أوروبا، ردت إيناس بالقول “لا أظن أنها سياسة من حكومة بلدنا لوقف تدفق المهاجرين، لكن أعتقد أن السبب فيما وصلنا إليه حاليا هو الكم الهائل الذي يصل من المهاجرين وطالبي اللجوء، وعدم القدرة على استيعابهم بسبب النظام المعقد. لا توجد حلول بسيطة لكن التركيز على مساعدة البلدان التي يأتي منها المهاجرون واللاجئون ستضمن بقائهم هناك، لأن ما يدفعهم للهجرة وطلب اللجوء هو عدم احترام حقوقهم”.ماجدة بوعزة

#نجونا #من #الحرب #ليقتلنا #برد #أوروبا. #طالبو #لجوء #يستغيثون #في #بروكسيل

تابعوا Tunisactus على Google News

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد