- الإعلانات -

- الإعلانات -

هل يكون الاقتصاد والمناخ سببا في التمرد على حكومات شمالي إفريقيا؟

أزمات عديدة عصفت منذ مطلع العقد الحالي في دول شمالي إفريقيا، وكانت سببا في تدهور الأوضاع الاقتصادية لا سيما خلال الأشهر العشرة الماضية، عندما وصلت أزمة الاقتصاد إلى ذروتها، فتسببت بتوتر الأوضاع السياسية وازدياد معدلات الهجرة. ففي بعض مناطق الشمال الإفريقي، بدأت ملامح تمرد ضد الحكومات تظهر نتيجة التدهور الاقتصادي، خاصة مع الانعكاسات السلبية للغزو الروسي لأوكرانيا، والانخفاض الكبير في أسعار صرف العديد من العملات الإفريقية، فضلا عن التغيرات المناخية التي قد تؤدي إلى نقص في مياه الشرب في بعض البلدان.هذا التمرد جاء احتجاجا على السياسات الحكومية، إذ تتعرض الحكومات لاتهامات تتعلق بالفشل في التعامل مع مختلف الأزمات، في حين يواجه الأهالي أزماتهم عبر خيارات تتعلق بحلم الهجرة إلى أوروبا، فهل يكون الاقتصاد والمناخ سببا في تصعيد سكان شمال إفريقيا ضد حكوماتهم.هذه الورقة التحليلية تناقش الأزمات التي تواجه سكان شمال إفريقيا، لا سيما فيما يتعلق بالاقتصاد والمناخ، وخيارات الأهالي المتوفرة، في الاحتجاج ضد الحكومات أملا بالضغط عليها لإيجاد حلول تخفف من وطأة الأزمات، أو التوجه نحو خيار الهجرة إلى الجانب الآخر من البحر المتوسط هربا من جحيم الفقر والجفاف.ملامح الأزمات في تونسملف الاقتصاد وتدهور الأوضاع المعيشية كان له الدور الأكبر في الاحتجاجات ضد حكومات الدول شمالي إفريقيا، لا سيما بعد تعطيل إمدادات الحبوب والطاقة كجزء من تبعات الغزو الروسي لأوكرانيا، فضلا عن ارتفاع كبير في أسعار السلع والخدمات.حالة من عدم الرضا عن السياسات الاقتصادية للرئيس التونسي قيس سعيّد، ودعوات لعصيان ضريبي بدأت في تونس، بعدما توجهت الحكومة إلى حل الأزمة الاقتصادية والعجز في الموازنة عبر تحميلها للمواطنين.تونس كانت لها خصوصية في التمرد ضد السلطات، فبدأت مباشرة تُوجه ضد الرئيس التونسي، رافضة سياساته الاقتصادية لا سيما بعد إقرار الموازنة العامة، وتراجع المؤشرات الاقتصادية في البلاد، وارتفاع نسبة الفقر ومعدلات البطالة.الاحتجاجات التونسية وصلت إلى المطالبة بانتخابات رئاسية مبكرة، تزامنا مع دعوات الحركات السياسية إلى تصعيد المظاهرات ضد الرئيس لرفض الإجراءات التي يتخذها بشأن اقتصاد البلاد.قد يهمك: اشتعال حرب في بحر الصين.. ما الاحتمالات؟تصاعد الاحتجاجات في تونس، ربما هو أمر طبيعي في ظل تدهور الحالة الاقتصادية وفقدان المواد الغذائية في الأسواق وتفاقم البطالة ووصول الضرائب إلى أرقام غير مسبوقة، فضلا عن أن تونس يوجد فيها هامش من الديمقراطية يسمح للحركات السياسية بالدعوة وتنظيم المظاهرات.الحركات المعارضة للسلطة في البلاد، ترى أن سياسة الرئيس التونسي، تسببت بشكل متعمد في تراجع الأوضاع المعيشية للمواطن التونسي، فهو اختار الطريق الأسهل لتغطية عجز الموازنة وهو تحميل الأعباء للتونسيين بشكل مباشر.الحكومات تملك الحلول؟هناك رأي مقابل أيضا يقول إن الحكومات شمالي إفريقيا لا تملك الحلول أمام أزماتها، التي هي امتداد لأزمات دولية متعلقة بالاقتصاد، لكن المؤكد أن هذه الحكومات لا تملك خطط واستراتيجيات حقيقية للتعامل مع الأزمات المتوقعة بأقل الخسائر الممكنة.إلى جانب هذا الانقسام في مقدار مسؤولية الحكومة التونسية وغيرها عن الأزمة الاقتصاد، تشهد السلطات في تونس انقساما أيضا في التعامل مع الاحتجاجات، إذ يرى القسم الأول أن الرئيس التونسي، لن يتمكن بالتأكيد من اتباع سياسة الرئيس الأسبق بن علي مع الاحتجاجات، عبر زج المعارضين في السجن، وهو ما جعل الأمن التونسي يتخذ موقف الحياد، وهذا واضح من طريقة التعامل مع المظاهرات خلال الفترة الماضية.أما الشق الآخر، فيرى أنه في ظل عدم وجود حلول ترضي المواطن التونسي، فقد تتوسع الاحتجاجات وتبدأ بالتصعيد خلال الفترة المقبلة، وهذا يعني أن الذهاب مع سعيّد في مواجهة المتظاهرين قد تؤدي إلى نتائج خطيرة لا يمكن تحمل تبعاتها.في خضم هذا التوتر السياسي الناجم عن تدهور الأوضاع الاقتصادية، هناك سؤال مهم بحسب خبراء لم تجب عنه المعارضة التونسية، وهو أنه ماذا لو تنحى الرئيس التونسي واستلمت المعارضة السلطة، هل تستطيع الأخيرة أو تملك الاستراتيجية اللازمة لحل أزمة الاقتصاد في البلاد.لا أحد حتى الآن قدّم إجابة للشعب التونسي عن هذا السؤال، إذ تمرّ تونس بأزمة مالية عميقة أسفرت في الأشهر الأخيرة عن نقص متكرر في بعض المنتجات الأساسية مثل السكر والحليب والأرز وغيرها، في سياق تضخم متسارع بلغ 9,8 بالمئة، بحسب أحدث معطيات رسمية صدرت في مطلع كانون الأول/ديسمبر الماضي.حاجيات التمويل لسدّ عجز الميزانية تبلغ نحو 23,5 مليار دينار “7,5 مليار دولار أميركي” في عام 2023 الذي وصفه وزير الاقتصاد سمير سعيّد بأنه “عام صعب للغاية” لتونس مع تضخّم متوقع بنسبة 10,5 بالمئة، فهل تملك المعارضة حلولا لهذه المشاكلالحكومة التونسية وجدت نفسها مضطرة إلى إقرار موازنة العام الجديد بفرض المزيد من الضرائب، إذ من المتوقع أن تجمع الحكومة أكثر من 40 مليار دينار من الضرائب، أي نحو 13 مليار دولار قبل نهاية 2023، بزيادة 12.5 بالمئة عن المداخيل التي جرت تعبئتها العام الفائت، وهو ما قوبل باستنكار واسع في الأوساط التونسية.القانون الذي دخل حيز التنفيذ مع بداية العام الجاري، شهد رفعا للضرائب، على شاغلي عدد من الوظائف، مثل المحامين والمهندسين والمحاسبين، من 13 إلى 19 بالمئة، فضلا عن الزيادة في غرامات التأخير على التصاريح الضريبية ورسوم تسجيل أحكام قضائية، إضافة إلى فرض ضريبة على ثروة العقار بقيمة 0.5 بالمئة.بالعودة إلى تبريرات الحكومة، فهي تقول إن رفع الضرائب يتعلق بتوقف المباحثات مع “صندوق النقد الدولي” حول إقراض تونس، إذ كانت الحكومة تعوّل خلال العام الماضي، أن تحصل على قرض بقيمة نحو 1.9 مليار دولار على مدى 4 سنوات، إلا أن “صندوق النقد الدولي”، قرر إرجاء ملف تونس إلى أجل غير مسمى، فكان اللجوء إلى التقشف ورفع الضرائب.ليس بعيدا عن الاقتصاد والموازنة التونسية، تواجه البلاد أسوأ أزمة جفاف منذ عقود في إطار ما يشهده العالم من تغيرات مناخية، وتركت هذه الأزمة آثارها على القطاع الزراعي، وسط عجز حكومي لا يجد أمامه سوى اللجوء إلى مياه السدود التي تعيش مخاطر النضوب هي الأخرى.خبراء في المناخ أكدوا أن تونس قد تكون مقبِلة على أزمة حقيقية تتعلق بفقدان مياه الشرب في المستقبل ما يمثل خطرا على الأمن الغذائي في البلاد، وذلك بسبب غياب سياسات واستراتيجيات واضحة لترشيد استهلاك المياه ومواجهة الأزمة.الجزائر بخير؟ في الجزائر يوصف أحيانا الوضع الاقتصادي بأنه “جيد”، خاصة وأن البلاد لم تتأثر إلى حدّ كبير كما جيرانها شمال إفريقيا بتبعات الأزمة الاقتصادية العالمية، وذلك بسبب ارتفاع أسعار النفط وزيادة الطلب على الغاز الجزائري بسبب نقص الطاقة العالمي.إلا أن السلطات، واجهت مؤخرا تصاعدا في حدة الانتقادات لسياسة الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، لا سيما فيما يتعلق بالسياسات الاقتصادية.في الجزائر قد يكون الوضع مختلفا عن تونس، نتيجة تغطية مشاريع الطاقة على العجز في الموازنات وتراجع العملة المحلية أمام الدولار الأميركي، إذ أنه على الرغم من تصاعد حدة الانتقادات للسلطة مؤخرا، ينظر البعض إلى هذه الانتقادات بنظرة إيجابية، كونها قد تساهم في تعزيز دور الأحزاب المختلفة في الإصلاحات التي بدأتها الحكومة خلال الأشهر الأخيرة، بعد أن استفادت من أزمة الطاقة العالمية لتحسين الدخل القومي.الانتقادات السياسية تركزت مؤخرا على ما وصفتها الأحزاب المعارضة بـ”التناقضات كبيرة بين زيادات في الأجور ورفع الأسعار، وتجميد للتوظيف، عبر الإعلان عن دفع الطلبة الجامعيين نحو فكرة المؤسسات الاجتماعية”.كذلك تركزت الانتقادات خلال الأشهر الماضية، على المساعي التي تم توجيهها لتحجيم الواردات، وذلك بحجة المحافظة على النقد الأجنبي، ومما زاد الأوضاع الاقتصادية سلبية، انخفاض أسعار الطاقة، التي يعتمد عليها الاقتصاد الجزائري بشكل كبير.الحكومة عمدت وقتها إلى تخفيض الواردات وفرضت قيودا كبيرة من أجل الوصول إلى هذا الهدف، ما أثّر على الحياة العامة للجزائريين، بحسب الدكتور خمقاني.حزب “العمال” المعارض انتقد مؤخرا غياب رؤية واضحة لتفعيل الاستثمار في الجزائر، كما أن ما سماها “المحاولات الخاطئة وعدم استقرار القانون والبيروقراطية“، تتسبب في إثقال كاهل أي فكرة للاستثمار في البلاد.الحزب حذّر من تدهور القدرة الشرائية، والزيادة المستمرة في الأسعار، لا سيما المواد الأساسية، ما قد يؤدي إلى “إلقاء الملايين من الجزائريين في العوز والفقر“، بالتالي ارتفاع وتيرة الهجرة خارج البلاد.ما قد يعزز من احتمالية اندلاع حركة تمرد ضد السلطات، هو تعامل الحكومة مع أي حركة معارضة قادمة من الشارع، إذ تترصد السلطات الجزائرية في الفترة الأخيرة الناشطين والشباب الذين يستخدمون الهواتف لتصوير ممارسات أو مواقف مع السلطات، وبثّها على مواقع التواصل الاجتماعي، تخوفا من أن يمثل ذلك استعادة للاحتجاج ضد السلطة ولمناخات الحراك الشعبي، فيما يلقى تعامل السلطات هذا تنديدا سياسيا ومدنيا مستمرا، ويوصف بأنه تخويف وتضييق على الحريات.مطلع العام الجاري مثلا، اعتقلت مصالح الأمن الجزائرية ناشطا يدير صفحة إخبارية على مواقع التواصل الاجتماعي، تُعنى بأخبار ولاية ميلة شرقي الجزائر، بسبب تصويره وبثه لفيديوهات عن احتجاجات شعبية ومواجهات بين السكان وقوات الشرطة في أحد أحياء المدينة، بسبب عزم السلطات هدم بنايات فيه، وبعد تحويله سريعا إلى المحكمة تم الحكم عليه بالسجن لمدة عام.هذه التصرفات من قبل السلطة الجزائرية، قد تؤدي بأن تساعد أول أزمة قد تواجه الجزائر، على أن تنفجر وتكون سببا في اندلاع التظاهرات ضد الحكومة.وضع الموازنة؟“البرلمان” الجزائري، صادق نهاية العام الفائت، على موازنة البلاد لسنة 2023، التي تُعدّ الأضخم منذ الاستقلال قبل 6 عقود، وذلك بأغلبية أصوات النواب البالغ عددهم 407 نواب.الحكومة الجزائرية رصدت موازنة، بقيمة 13.76 تريليون دينار “نحو 98.5 مليار دولار“، بزيادة قدرها 24.5 مليار دولار عن موازنة 2022 و36.5 مليار دولار عن موازنة 2021.الموازنة الجزائرية، حملت سقفا تفاؤليا عاليا للحكومة الجزائرية، عبر المؤشرات التي قدمتها وتوقعها للأعوام الثلاثة المقبلة للاقتصاد الجزائري، على عكس العامين الماضيين، وسط خلوها من ضرائب جديدة على المواد الاستهلاكية أو الطاقية.ربما يكون الوضع الاقتصادي في الجزائر أقل صعوبة، لكن الموازنة الجزائرية الجديد اعتمدت على سعر مرجعي للنفط قُدّر بـ 60 دولارا للبرميل، مرتفعا بـ 15 دولار للبرميل عن موازنة 2022 “45 دولارا“، بالتالي فإن أي انخفاض محتمل في أسعار النفط قد يدخل الجزائر في متاهة اقتصادية، لا يبدو أن الحكومة تملك استراتيجية لمواجهتها، وبالتالي قد ينتقل التوتر السياسي إلى الشوارع والساحات في البلاد.الجزائر كانت قد استفادت من أزمة الطاقة العالمية لزيادة صادراتها من النفط والغاز، كما أن التحدي الأكبر بالنسبة لحكومة، قد يكمن في طريقة وآلية صرف أموال الميزانية التي تم إقرارها، ووجود مشاريع وخطة لإطلاق مشاريع من شأنها أن تمكّن المواطنين الجزائريين من الأرقام الواردة في الموازنة.أما عن الوضع المناخي في الجزائر، فهي الأخرى تواجه مستقبلا محفوفا بمخاطر الأمن المائي، خاصة بعد شح مياه الأمطار وانخفاض منسوب السدود، ذلك ما دفع الحكومة الجزائرية إلى وضع خطة عاجلة لمواجهة الأزمة.هذه الخطوة اعتبرها البعض استباقية من قبل الحكومة الجزائرية التي أعلنت حالة الاستنفار على مستوى عدة قطاعات، أهمها الموارد المائية والفلاحة لإنشاء مخطط استعجالي يهدف الى سنِّ سياسة جديدة لاقتصاد المياه وطنيا والحفاظ على الثروة المائية الجوفية.كذلك أعلنت الحكومة، إنشاء مخطط لتعميم محطات تحلية مياه البحر عبر كامل الشريط الساحلي البالغ طوله 1200 كيلومتر، تجنبا لتداعيات ندرة تساقط الأمطار.إلا أن استمرار أزمة المياه قد تؤثر على جميع مفاصل الحياة، بما فيها الاقتصادي التي توصف حتى الآن بأنها تحت السيطرة، فضلا عن التأثير على القطاع الصحي وغيرها من القطاعات.ماذا عن المغرب؟امتدادا لخط شمال إفريقيا في المغرب، تشهد البلاد أزمة ثنائية بين الاقتصاد والجفاف، حيث قالت المندوبية السامية للتخطيط في المغرب، إن العجز المالي سيتّسع إلى 5.2 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي في 2023 من 3.9 بالمئة، على خلفية انخفاض الإيرادات الضريبية وزيادة الإنفاق على الدعم وشبكات الضمان الاجتماعي.استهلاك الأُسر المغربية سيرتفع 2.4 بالمئة، مستفيدا من “الزيادة المرتقبة في المداخيل الفلاحية، وتعزيز النتائج الجيدة لتحويلات” المغتربين في الخارج من العملة الصعبة.فيما يخص التغير المناخي، فقد تحدثت تقارير صحفية من المغرب، عن معاناة الفلاحين في البلاد من الجفاف الذي يضرب البلاد من جراء التّغير المناخي والاحتباس الحراري ما يعرض محصولهم لخطر التلف، في وقت تسعى سلطات إقليم الحوز، وسط المملكة، إلى اتخاذ خطوات عملية تساهم في إنقاذ الوضع.المغرب يعاني منذ أربع سنوات من جفافٍ في الأنهار والوديان بسبب اعتماده على الأمطار، التي انخفضت معدلات هطولها خلال ذات الفترة، ما أثّر بشكل كبير على مواسم الزراعة.خلال شهري تشرين الأول/أكتوبر وكانون الأول/ديسمبر من العام 2022، شهدت البلاد هطول أمطار ساهمت في إنعاش الموسم، إلا أن الاعتماد على الأمطار دون أي خطوات رسمية وعملية لا يمكنها إنقاذ المحصول.ما هي الخيارات؟عندما يتم الحديث عن خيارات المواطنين في شمال إفريقيا من قبل الخبراء والمحللين والسياسيين، يتركز الحديث عند محورين أساسيين، فخلال الحديث عن الفشل الحكومي في مواجهة الأزمة، فربما تفعيل الدور السياسي للمعارضة هو خيار يمكن له أن يساهم في توجيه الحكومة نحو المسار الصحيح.يشمل هذا الخيار كذلك تفعيل دور الشارع للضغط على الحكومات، في مكافحة الفساد والوقوف أمام مسؤولياتها، في إيجاد أفضل الحلول والاستراتيجيات لتخفيف وطأة الأزمات التي تعصف في دول شمالي إفريقيا.أما المحور الآخر فيتعلق بخيار الهجرة نحو الجانب الآخر من البحر المتوسط باتجاه الدول الأوروبية، وهذا الخيار يتجه إليه الآلاف من الإفريقيين بشكل دوري مؤخرا، هربا من الأوضاع الاقتصادية المتدهورة.فضلا عن الاقتصاد فإن توافر المياه هو جزء أساسي من معايير جودة حياة الناس في أي دولة، بالتالي فإن الأخبار المتواردة عن احتمالية دخول دول شمالي إفريقيا في أزمة جفاف متفاقمة، قد تدفع المزيد إلى اختيار خيار الهجرة غير الشرعية باتجاه أوروبا، نحو مجتمعات ومناطق أفضل على الرغم من المخاطر.في تونس مثلا  شهدت هجرة التونسيين غير النظامية نحو أوروبا، نسقا تصاعديا خلال السنوات الأخيرة، خاصة بعد عام 2020 وظهور التداعيات السلبية لجائحة “كورونا” ثم الأزمة السياسية، حيث سجل أكثر من 12 ألفا و360 مهاجرا تونسيا نحو السواحل الإيطالية عام 2020، ثم ازداد العدد عام 2021 ببلوغه 15 ألفا و675، وقبل أن يصل العام الفائت إلى أعلى مستوياته.خلال الأيام العشرة الأولى من 2023، شهدت أعداد المهاجرين الوافدين من شمالي إفريقيا عبر البحر طفرة أكثر دراماتيكية، حيث وصل 3,709، مقارنة بـ 378 فقط في نفس الفترة من عام 2022.خلاصة واستنتاجاتجميع الدول التي تحدثنا عنها في هذه الورقة التحليلية بالمجمل تواجه مصاعب اقتصادية متفاوتة، وقد ساهم ذلك في ظهور ملامح التمرد ضد الحكومات، سواء عبر الحركات والأحزاب السياسية، أو عبر المظاهرات والدعوات للإضراب احتجاجا على السياسات الاقتصادية.كذلك تواجه هذه الدول أزمات مناخية غير مسبوقة أدت إلى فشل المحاصيل الزراعية بالتالي نقص الغذاء وزيادة في الأسعار، وحتى الآن لا تبدو أن الخطط الموضوعة لمواجهة التغيرات المناخية، كافية بما يضمن عدم دخول هذه البلدان في أزمة نقص مياه، قد تؤثر على القطاع الزراعي.في خضم أزمات الشمال الإفريقي، ربما التمرد ضد الحكومات لا ينفع لحل جميع الأزمات، خاصة وأن جزء كبير من هذه الأزمات لا يتعلق بأداء الحكومات، فمشكلة الاقتصاد لها مسببات كثيرة ربما تكون أبرزها عالمية، وهنا نتحدث عن خيارات محدودة بالنسبة للحكومات.كذلك أزمة المناخ الناجمة عن أسباب طبيعية، وتغيرات مناخية سببها سياسة العالم بأجمعه في التعامل مع البيئة ومكافحة التغير المناخي وارتفاع درجة حرارة الكوكب.استمرار هذه الأزمات يعني بالضرورة ربما، تفاقم أزمة الهجرة نحو البلدان الأوروبية خلال السنوات القليلة القادمة، فهي الوسيلة التي يسعى من خلالها الإفريقيين إلى تغيير واقعهم، ما قد يفرض ربما ليس على حكومات هذه الدول، بل على الدول الأوروبية التدخل لمساعدة هذه البلدان على مواجهة أزماتها منعا من تدفق المهاجرين من شمال إفريقيا وربما تشمل موجات الهجرة مختلف الدول الإفريقية. كلمات مفتاحية

#هل #يكون #الاقتصاد #والمناخ #سببا #في #التمرد #على #حكومات #شمالي #إفريقيا

تابعوا Tunisactus على Google News

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد