التنمية عربيا.. تقدم وتأخر

لا تزال التنمية في كثير من الدول العربية دون مستوى طموح شعوبها، ومن المحزن أن بعض الدول العربية كانت أكثر تقدما من كثير من دول آسيا وأمريكا اللاتينية مثل اليابان والصين وكوريا الجنوبية وشيلي والبرازيل، ولكن الدول العربية بقيت على أوضاعها أو تخلفت قليلا باستثناء دول الخليج التي أنعم الله عليها بالنفط والقيادات الرشيدة. لا شك أن معظم الدول العربية في حاجة إلى خطط استراتيجية مدروسة وقابلة للتنفيذ، فأغلب الخطط الخمسية غير واقعية ولا تقوم على دراسات استراتيجية جادة تحدد الإمكانات والأولويات التنموية في كل دولة، وعلاوة على ذلك تعاني كثير من الدول العربية الفساد المستشري في عروقها. وبناء عليه لا يمكن تحميل الدول العربية الغنية مسؤولية إخفاق التنمية في دولة عربية كبيرة تمتلك إمكانات كبيرة ومتنوعة ما بين الموقع الاستراتيجي والموارد الطبيعية وكذلك الموارد البشرية.
بين حين وآخر تطلق كتابات وتغريدات ترمي على الآخرين مسؤولية تخلف التنمية في بعض الدول العربية وتدهور أوضاعها المعيشية، ما يثير تساؤلات مهمة ينبغي عدم تجاهلها والتهرب من الإجابة عنها، ومنها على سبيل المثال، هل الأداء المتواضع للتنمية في كثير من الدول العربية يعزى إلى وجود البترول العربي أم إلى تبني تيارات أيديولوجية غير مناسبة، وقيادات فاسدة، إلى جانب غياب التخطيط الاستراتيجي المدروس الذي يحدد الأولويات التنموية في مجالات التعليم والصناعة والسياحة والأنشطة الاقتصادية الأخرى؟ وبالتحديد هل الدول الخليجية مسؤولة عن فشل القيادة اللبنانية في وقف التمزق الداخلي والحد من وجود دولة حزب الله الطفيلية داخل جسد الدولة اللبنانية؟!
لا يمكن التوسع في الإجابة، ولكن لعل التوقف على بعض المؤشرات الدولية يغني عن الإجابات. فعلى سبيل المثال، يشير مؤشر الابتكار الدولي لعام 2020 إلى أن أغلب الدول الخليجية تفوقت في هذا المؤشر حيث حلت السعودية والإمارات في مراكز متقدمة، بينما تأخرت بقية الدول العربية كثيرا، ومن المؤسف أن هناك دولا فقيرة غير عربية حازت مراكز متقدمة تجاوزت معظم الدول العربية العريقة، مثل تايلاند في المرتبة الـ43 وفيتنام في المرتبة الـ44، على الرغم من مواردها الطبيعية المتواضعة، وهذا يجيب ولو جزئيا عن سبب تخلف بعض الدول العربية!
وبالمثل سجلت دول الخليج تقدما كبيرا في مؤشر مدركات الفساد.
وفي مؤشر التنمية البشرية تفوقت دول الخليج تفوقا ملحوظا خلال العقود الماضية، حيث اتضح تقدم السعودية والإمارات والبحرين على الدول العربية في الترتيب، في حين جاءت الجزائر في المرتبة الـ91، ولبنان الـ92، وتونس الـ95، والأردن الـ102، ومصر الـ116، والمغرب الـ121، والعراق الـ123.
وأخيرا، دول الخليج العربية لا تدعي الكمال وأمامها طريق طويل لتنمية دولها وتطوير شعوبها، من خلال تطبيق رؤى تنموية بعيدة المدى، من ضمنها تخفيض الاعتماد على البترول، وفي الوقت نفسه تسهم بفاعلية في قيادة المستقبل في مجال الطاقة النظيفة والذكاء الاصطناعي على مستوى العالم. ولإنصاف الحقيقة، فقد أسهمت الدول الخليجية العربية خلال العقود الماضية ولا تزال تسهم في دعم مشاريع تنموية في كثير من الدول العربية إلى جانب تقديم الدعم المادي والاستفادة من الكفاءات العربية في تعويض نقص القوى العاملة من جهة، وتخفيف حدة البطالة في الدول العربية غير النفطية من جهة أخرى، ما يعود بالنفع على اقتصادات الدول الأخيرة من خلال التحويلات النقدية.

#التنمية #عربيا #تقدم #وتأخر

تابعوا Tunisactus على Google News
[ad_1]

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد