- الإعلانات -

- الإعلانات -

بيان “الإصلاحات السياسية”.. هل تدخل الأطراف التونسية في حوار لحل الأزمة العميقة؟

بعد أربعة أشهر من الجمود السياسي التونسي، ونشوب خلافات عميقة بين رأسي السلطة التنفيذية، دعا الرئيس التونسي قيس سعيّد، الثلاثاء، بعد اجتماع مع رئيس الحكومة هشام المشيشي، إلى حوار وطني، ما دعا إلى التساؤل حول مدى إمكانية الخروج من الأزمة التي تشهدها البلاد. 

وكان من ضمن المدعوين للاجتماع أيضا رؤساء حكومات تونسية سابقة، وهو ما تعجب منه أستاذ الاتصال السياسي التونسي، منير الشرفي، في حديثه مع موقع الحرة”، حيث يرى أن الحوار كان يجب أن يكون مع المؤثرين، “ولكن الشخصيات التي استقبلها الرئيس ليس لها أي تأثير”. 

وقال الشرفي: “الحل يبدو أنه عرض حلا على المشاركين ودعا رؤساء حكومات سابقين وأنا لا أدري ماذا يمثل هؤلاء، خاصة أنه لم يعد لهم أي مكان في الساحة السياسية التونسية، وماذا سيضيفون”، مضيفا أنهم “شغلوا منصب رئيس الحكومة لفترة قصيرة، هل لأنه شغل منصب يصبح له رأي مهم وتأثير مهم في البلاد، أنا لا أعتقد ذلك”. 

لكن النائب في البرلمان التونسي عن حركة الشعب، محسن العرفاوي، أكد في حديثه مع موقع “الحرة” أن الرئيس دعا رؤساء الحكومات السابقين للإدلاء برأيهم في الوضع الاقتصادي المتدهور وكيفية الخروج من الأزمة السياسية، وأنهم لو كانوا في هذا الموقف فكيف كانوا سيسيرون أمور البلاد؟”. 

فاقتصاد البلاد تكبله الديون الثقيلة وتدهور الخدمات العامة وساءت حالته بسبب جائحة فيروس كورونا.

وأضاف الاجتماع لم يكن رسميا لانطلاق الحوار “وإنما كان للتشاور، ويدخل في إطار تقريب وجهات النظر من أجل المرور إلى حل سياسي للأزمة حيث تعاني تونس من حكومة عاجزة أكثر من ثلث وزرائها بالنيابة”.  

وبدأت الأزمة التونسية، منذ أن تجاهل المشيشي الرئيس، ولم يشاوره في التعديل الوزاري، كما لم يشاور إلا الأغلبية البرلمانية المتمثلة في تحالف النهضة وقلب تونس وائتلاف الكرامة. 

وشمل التعديل الوزاري الذي نال موافقة البرلمان 11 وزيرا، من بينهم وزراء جدد للعدل والداخلية والصحة، بعد أن استبعد رئيس الحكومة وزراء مقربين من سعيّد، الذي رفض أداء اليمين الدستورية لعدد من الوزراء الجدد، وقال إن بعضهم تتعلق بهم “شبهة فساد” و”تضارب مصالح”.

ويعتقد الشرفي أن دعوة الرئيس إلى حوار وطني لم يستجب لها هو نفسه منذ أشهر عديدة  “ولكن يبدو أن ثمة ضغوطات عليه قد تكون من الخارج حتى لا يكون هو سبب عدم المشاركة في إيجاد حل للوضع السياسي القائم في تونس”. 

لكن العرفاوي يشير إلى أنه “لا توجد ضغوط دولية وإنما المصلحة الوطنية هي التي اقتضت على الرئيس أن يدعو إلى حل الأزمة حيث أنه يريد أن يعالج ذلك بالحوار، كما أن الوضع الإقليمي يشجع على حل الأزمة، مثل الانتخابات الأخيرة في الجزائر وقبلها تشكيل حكومة في ليبيا، وتحسين العلاقات ما بين مصر وتركيا، كل هذا يشجع على حوار سياسي”. 

ويرى العرفاوي أن تصريحات سعيّد تمهد الطريق أمام إنهاء الجمود السياسي المستمر منذ شهور والخلاف بينه وبين المشيشي المدعوم من رئيس البرلمان ورئيس حزب النهضة الإسلامي، راشد الغنوشي، إلا أن الشرفي يرى أن الرئيس ربط “الحوار” بأمور يصعب تحقيقها قريبا. 

وكان سعيد قد قال، في أبريل الماضي، إن صلاحياته كقائد أعلى للقوات المسلحة تشمل أيضا قوات الأمن الداخلي وليس فقط الجيش، في تصعيد لخلافه مع المشيشي بشأن الصلاحيات ومعتمدا على فصول مثار جدل في الدستور.

والثلاثاء، ركز الرئيس التونسي، على ضرورة إدخال إصلاحات سياسية “بعد أن أثبتت التجربة أن التنظيم السياسي الحالي وطريقة الاقتراع المعتمدة أدّت إلى الانقسام وتعطّل السير العادي لدواليب الدولة”، بحسب بيان الرئاسة التونسية. 

وقال الشرفي لموقع “الحرة” إن “سعيّد حتى يرفع الملامة عنه، قال إنه مستعد لهذا الحوار، ولكنه وضع شروطا تبدو لي شخصيا مستحيلة”

وأوضح “عندما يطلب أن تخرج الأطراف الفاعلة في تونس من هذا الحوار، فهو يريد أن يبعد حركة النهضة من جهة والحزب الدستوري الحر من جهة أخرى، وهما الحزبان القويان في تونس، وبالتالي لو أبعد هذا وذاك من يتبقى؟ وما جدوى الحوار؟”. 

من ناحية أخرى، يشير الشرفي إلى “شرط الرئيس الآخر المتمثل في أنه يريد أن يكون في هذا الحوار النظر في إعادة صياغة الدستور ومراجعته، والقانون الانتخابي وهذا لا يقبل به المجلس النيابي الحالي، وبالتالي يبدو لي أنه يضع شروطا مستحيلة حتى لا يقع هذا الحوار وحتى لا يقال إنه يرفض الحوار”.

في المقابل، يقول العرفاوي: “أعتقد أنه بعد عشر سنوات من السير في النظام السياسي الحالي المختلط، رأى الجميع كيف واجهنا بعض المطبات والأزمات، وهو ما خلق اختلافاً كبيراً في الرؤى وخلافات بين الأطراف السياسية في تونس، وبالتالي أصبحت هناك ضرورة أن نتوصل إلى تغيير النظام السياسي حتى ينجح الحوار الوطني”. 

وقال إن “قانون الانتخابات يراجع اليوم في البرلمان وهو محل نقاش وقد يطرح تغييره خلال سنة أو أقل من ذلك، خاصة بعد التجربة التي خضناها، وخاصة أن هناك علاقة بين النظام الانتخابي وبين جرائم انتخابية وبالإشهار السياسي والتمويل الخارجي وحتى بتمثيلية المنتخبين”. 

وحظي الدستور التونسي الذي أقره البرلمان في 2014 عقب ثورة 2011 بإشادة دولية واسعة ووصف بأنه دستور حداثي يضمن حرية المعتقد‭‭‭.‬‬‬

ولكن بعض الساسة يقرون أنه يتضمن الكثير من النقاط الجدلية التي تحتاج إلى التعديل، خاصة فيما يتعلق بتوزيع الصلاحيات وحدود الصلاحيات بين الرئيس ورئيس الحكومة والبرلمان. وأدت خلافات حول تأويل الدستور إلى أزمات سياسية متكررة منذ 2016.

وقال العرفاوي: “الرئيس طرح توسيع صلاحيات الرئيس، وهو محق في ذلك، لأنه يعتبر منعدم الصلاحيات بالرغم من أنه منتخب انتخابا مباشرا من قبل الناخبين، وهو ما لم يحدث مع رئيس البرلمان المفوض فقط من قبل البرلمان”. 

وخلال كلمة أثناء اجتماعه مع المشيشي وثلاثة رؤساء حكومات سابقين، قال سعيّد: “لندخل في حوار جدي… يتعلق بنظام سياسي جديد وبدستور حقيقي، لأن هذا الدستور قام على وضع الأقفال في كل مكان ولا يمكن أن تسير المؤسسات بالأقفال والصفقات”.

وبينما يؤيد حزب النهضة، وهو أكبر حزب في البرلمان، إقامة نظام برلماني خالص، معتبرا أن النظام الرئاسي قد يتيح إعادة إنتاج ديكتاتورية جديدة، فإن الرئيس سعيّد لا يخفي ميله لنظام رئاسي مثله مثل عدة سياسيين آخرين يرون أن تونس تحتاج لقيادة واحدة، على حد تعبير وكالة رويترز.

والنظام الحالي مختلط يُنتخب فيه الرئيس بشكل مباشر ولكن أغلب السلطات بيد رئيس الحكومة الذي يعينه الائتلاف الحاكم.

ويقول النائب في البرلمان، محسن العرفاوي: “نعم قد يكون من الصعب تغيير النظام الانتخابي حاليا، وإنما قد يكون بعد محطة انتخابية أخرى على الأقل، ولذلك نحن ندعو إلى انتخابات مبكرة”. 

أزمة تونس.. معركة الصلاحيات تتعمق وتحذير من مواجهة في الشارع

مع دخول الأزمة السياسية غير المسبوقة في تونس بين رئيسي الجمهورية والحكومة أسبوعها الرابع وإلى مرحلة تكسير العظام بين الطرفين في معركة لم تعد تدار من خلف الكواليس، يحذر مراقبون من اندلاع حرب أهلية وعودة الميليشيات المدنية بعد دعوة كل طرف أنصاره للنزول إلى الشارع. 

تابعوا Tunisactus على Google News

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد