دور المرأة في العملية السياسية

قد يكون ما يطرح من إمكانية تولي المرأة لمنصب رئاسة الوزراء هو ضرب من الخيال وغير قابل للتحقيق في العراق منذ عام ٢٠٠٣، لكن مع تبدل المعطيات المؤثرة في المشهد السياسي العراقي قد تكون المرحلة الحالية متاحة مع صدور دعوات بعدم الممانعة بذلك، فالمنصب ليس حكراً على الرجال،

وقد نعود بالذاكرة الى بدايات القرن العشرين وريادة العراق بالذات بشأن المساواة وتمكين المرأة في تولي المناصب الحكومية، فلو راجعنا صفحات التأريخ لوجدنا اسماء الكثير من النساء اللائي دخلن التأريخ، الأمر الذي شجع البعض على إنصافها بتولي المناصب الحكومية، فالعراق شهد أولى الحالات على إعطاء المرأة حقها, فقد تسنمت الدكتورة نزيهة الدليمي منصب وزيرة البلديات في العهد الجمهوري، فضلاً عن تعيين اول قاضية في العراق والوطن العربي زكية إسماعيل حقي، وتعد أمينة الرحال أول إمرأة تمارس مهنة المحاماة في العراق بعد إكمالها دراسة الحقوق، والقائمة تطول، فلم تقتصر الحركة النسوية آنذاك على السياسة كمجال محتكر من قبل الرجال، بل اسهمت بشكل فاعل ومؤثر في الحياة الثقافية والإقتصادية وغيرها من مجالات الحياة كونها تعد نصف المجتمع ان لم يكن اكثر، وما بروز بعضهن في ساحات الشعر والأدب والهندسة إلا دليلاً بارزاً على قدرتها وفاعليتها في تلك المجالات، فهناك الشاعرة نازك الملائكة ، وكذلك الشاعرة الدكتورة عاتكة وهبي الخزرجي، والشاعرة لميعة عباس عمارة، وغيرهن الكثير ممن تطول بهن القائمة.

لقد اثبتت المرأة العراقية قدرتها الفائقة على النجاح إذا ما أتيحت لها فرصة لخوض التجربة السياسية، وعلى الرغم من قلة عدد من سمحت الظروف بتوليها مناصب حكومية عليا في بلدانها، إلا إنها اثبتت كفاءة في القيادة والقدرة على إدارة حكم البلاد، وتظهر لنا تجارب حكم مارغريت تاتشر وإنجيلا ميركل وبناظير بوتو وانديرا غاندي وغيرهن القدرة على التصدي لحكم الدولة، وقد يُثار هنا تساؤل حول قدرتها في النجاح في مجتمعاتنا العربية التي تختلف جذرياً عن مثيلاتها في العالم الغربي، وإذا ما اتيحت لها الفرصة لذلك، هل هي قادرة على تحقيق النجاح في خضم أزمات تلو الأخرى في عالمنا اليوم، حقيقة نحن أمام تجربة تختلف بمقاييسها عن الأخرين، فما ينطبق على غيرنا قد لا يكون مناسباَ لنا، وهكذا بالنسبة لبقية البلدان التي تشترك معنا في القواسم التاريخية والتجارب المماثلة وابمتغيرات والمعطيات في السياق ذاته، فلم يطرح اسماً واحداَ في المجال السياسي من الفئة النسائية ليكون مثالأً واقعياً لترجمة ما يمكن ان يكون وتسنم قيادة الدولة بإستثناء حالة تونس وما تم طرحه من قبل الرئيس التونسي قيس سعيد بطرحه اسم السيدة (نجلاء بودن) رئيسة للوزراء في ظل المتغيرات التي عصفت وما تزال بتونس.

وفي العراق قد يكون الأمر مختلفاً نوعاً ما عن غيره من الدول، فهو يعيش تجربة تحول ديمقراطي منذ عام ٢٠٠٣ ولغاية الآن، وبحاجة فعلية لقيادة قوية ومؤثرة تعمل على إحداث الفارق، ولابد من حصولها على توافق كبير بين مكوناته، فالدستور العراقي الدائم اعطى المرأة العراقية حقها في ممارسة العمل السياسي، واكد نسبتها فيما يُعرف مفهوماً (الكوتا) ودخلت مجلس النواب بنسبتها المقررة ٢٥٪ من مجموع الأعضاء حسب ما نصت عليه المادة (٤٩)، واستمرت بهذا النحو لغاية إنتخابات تشرين الأول ٢٠٢١، إذ تعدت تلك النسبة المخصصة لها بزيادة ملحوظة، فقد تمثلت المرأة العراقية بعدد (٩٧)عضوة متجاوزة العدد المقرر بموجب الكوتا وهو(٨٣) وهو دليل على نقلة نوعية في مجال العمل السياسي للمرأة ورغبتها في المشاركة السياسية في عملية صنع القرار ،ولم يقتصر الوجود والتمثيل النسوي داخل قبة مجلس النواب، بل تعداه الى توزير بعض الشخصيات لإدارة بعض الوزارات كما في الأعمار والإسكان والهجرة والمهجرين وغيرها، وهذا دليل على ثقة القيادة بكفاءتها ودورها. قد تكون تلك الدعوات بشأن تسنم المرأة للمنصب الأول في الدولة وفقاً للبعض بإنها غير قابلة للتحقيق في هذا الوقت، ولكنها ممكنة في حالة توافر الظروف الملائمة، وهنا نسجل نقطة للمرأة العراقية بإنها قادرة على تعزيز مكانتها ودورها في المجتمع العراقي من خلال المواقع القيادية التي تسنمتها سواء بالسلطة التشريعية او التنفيذية.

* نقلا عن “المدى”

تنويه:
جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط.

#دور #المرأة #في #العملية #السياسية

تابعوا Tunisactus على Google News
[ad_1]

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد